آراء ومقالات

الإنتخابات الإيرانية و السيناريوهات المحتملة

بعد تسجيل المرشحين أسمائهم لخوض الإنتخابات
الرئاسية الإيرانية و مجيئ هاشمي رفسنجاني و اسفنديار مشائي لمعترك الإنتخابات
إتضحت الصورة كثيرا و زالت الكثير من الضبابية حول الإنتخابات و هوية من يمسك
بزمام الرئاسة في ايران.

ستكتمل الصورة أكثر و تكون أكثر وضوحا بعد إنتهاء
فترة التزكية من قبل مجلس صيانة الدستور الذي يتكون من 12 عضوا ستة منهم فقهاء و
ستة حقوقيين و يشرف عليه المرشد الأعلى في ايران علي خامنئي.

لن يتعامل خامنئي و النظام الايراني بشكل عام مع
المرشحين الغير مرغوب فيهم كما هو في الاعوام السابقة, و لم يستطع خامنئي فرض
شروطه و أوامره كما كان عليه في السابق, نظرا لظروف إيران الحرجة السياسية و
الاقتصادية و عزلة ايران الإقليمية و الدولية.

و من أبرز المرشحين في هذه الدورة 11 الإنتخابية
في ايران هما هاشمي رفسنجاني و اسفنديار رحيم مشائي الغير مرغوب فيهما و الذي شنت
جماعة خامنئي هجوما واسعا عليهما منذ سنين و لم يتوقف حتى بعد ترشيحمها للرئاسة
الإيرانية. و اشتد الهجوم على هاشمي رفسنجاني و خف على مشائي و هذا يدل على خوف
المحافظين من رفسنجاني و موقفهم المحرج من ترشيحه حيث رفض و قبول تزكيته من قبل
مجلس صيانة الدستور سيضع النظام و المحافظين بشكل خاص في موقف لا يحسد عليه. اذا
رفضت تزكية رفسنجاني سيضع النظام نفسه في موقف محرج جدا حيث رفسنجاني يعتبر ثاني
اهم شخصية في النظام بعد خامنئي و هو من اوصل خامنئي الى القيادة الايرانية. و هو
حاليا يرأس مجلس تشخيص مصلحة النظام و مهمته البت في المشاكل العالقة في النظام و
حلحلتها و كان رئيس ايران لدورتين و رئيس مجلس الشوري الايراني. و كان من الأنصار
المقربين للخميني و خامنئي حتى قبل الثورة في ايران. رفض تزكيته سيضرب مصداقية
النظام بعرض الحائط حيث مصداقية رفسنجاني من مصداقية النظام. كما رفض تزكية
رفسنجاني هذا يعني إن الرئيس الايراني المقبل سيكون مشائي دون ادنى شك حيث المنافس
الوحيد و الاقوى لمشائي هو رفسنجاني و على النظام بشكل عام و خامنئي بشكل خاص ان
يختار بين الاثنين حيث لا خيار ثالث له.

تزكية رفسنجاني و تمرير عبوره من قبل مجلس صيانة
الدستور ليس اهون على النظام من رفضه حيث هو متهم من قبل التيار المحافظ, بشكل
مباشر في التآمر على النظام من خلال التحريض على المظاهرات و الاحتجاجات عقب تزوير
الانتخابات عام 2009. و هو مطالب منذ ذلك التاريخ حتى هذا اليوم, برفض إدعاء تزوير
الانتخابات السابقة و أصبحت أحدى شروط قبول ترشيحه, اي عليه أن يقر بسلامة
الانتخابات الرئاسية الايرانية و عدم تزويرها و هو رفض حتى الان هذا المطلب. و منع
رفسنجاني من إمامة صلاة الجمعة في طهران منذ عام 2009. وإعتقلت ابنته فائزة هاشمي
و حكم عليها بالسجن لتورطها في الاحتجاجات التي اعقبت الانتخابات الرئاسية
الايرانية. و اعتقل ابنه مهدي هاشمي في ملفات فساد و سرقة و الارتباط بالدول
الغربية و المعارضة الفارسية و التآمر على النظام و اسقاطه. كل هذه الملفات جعلت
من هاشمي رفسنجاني شخصا غير مرغوب فيه و وضعه بعض مقربي خامنئي في قائمة رؤوس
الفتنة الى جانب خاتمي و كروبي و مير حسين موسوي.

تسجيل رفسنجاني اسمه للإنتخابات الإيرانية جاء
نتيجة ضغوط من قبل العشرات من رجال الدين في قم و مراجع التقليد الشيعة, على
المرشد من أجل إنقاذ النظام الايراني من السقوط و ايران من الانهيار. كما تسجيل
اسم مشائي لخوض الانتخابات الايرانية أرغم خامنئي على قبول ترشيح رفسنجاني حيث ربط
الاخير ترشيح نفسه بموافقة خامنئي و هذا يدل على ان موافقة خامنئي لترشيح رفسنجاني
أو خاتمي كانت مرهونة بمجئي مشائي و هذا ما حصل في الدقائق الاخيرة لإنتهاء فترة
تسجيل الاسماء المرشحين.

في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها إيران هنالك
ثلاثة سيناريوهات إمام الولي الفقيه. و سستجلى أكثر في الايام المقبلة و بالتحديد
بعد إعلان اسماء المقبولين و المرفوضين لخوض الانتخابات من قبل مجلس الخبراء.

1-   السيناريو
التقليدي و هو تنصيب و اعلان فوز المرشح المقرب من خامنئي كما حصل في الانتخابات
الرئاسية الايرانية السابقة. هذا السيناريو سيواجه تحديين اساسيين الأول: عدم قدرة
مجموعة خامنئي من تمرير هذا الامر بسبب وجود احمدي نجاد و سيطرته على عدد من
المؤسسات و الوزارات السيادية مثل وزارة الداخلية التي تشرف على سير الانتخابات.
التحدي الثاني في حال اعلان هذا الامر ستكون ردة فعل الشارع في ايران اقوى من ردة
الفعل عام 2009 خاصة هذه المرة اول من يحتج و يحرك الشارع هو احمدي نجاد و مجموعته
حيث له انصار و شعبية لابأس فيها خاصة عند الشرائح الفقيرة في ايران و منها القرى
بعد ما خصص مبالغ مالية شهرية للعاطلين عن العمل و توزيع اموال طائلة اراد منها
تشكيل قاعدة شعبية له لمثل هذه الايام. و أعلنا أحمدي نجاد و مرشحه مشائي بشكل
صريح قبيل تسجيل مشائي اسمه لخوض الانتخابات بإنهما سيلجئآن الى الشارع اذا ما
رفضت تزكية مشائي من قبل مجلس الخبراء. إضافة على تهديد أحمدي نجاد بشكل مستمر في
فضح المسؤولين المقربين لخامنئي و هو يمتلك الكثير من الوثائق تثبت فضائح اخلاقية
و فساد اداري و سياسي ضد مقربي خامنئي و حتى خامنئي نفسه.

2-   السيناريو
الثاني هو الاستسلام للأمر الواقع و قبول نتائيج صناديق الاقتراع و في هذه الحالة
المرشحان الاوفر حظا هما مشائي و رفسنجاني. و العوامل التي تساعد مشائي للفوز هي
عزفه على الوتر الوطني القومي الفارسي في مواجهة التيار الديني المتزمت في ايران
الذي ليس له اي قاعدة شعبية في الشارع الايراني خاصة عند الشباب الذي متعطش
للحريات و الى الحكم القومي الفارسي!. و ما يعزز مكانة مرشح أحمدي نجاد في مواجه
التيار المحافظ هو معارضته و تحديه لخامنئي و الذي سيلتف حوله كل من يعارض حكم
ولاية الفقيه في البلاد. ناهيك عن توزيع احمدي نجاد مبالغ هائلة للمحتاجين كرواتب
او رشاوي للدعاية الانتخابية. و سينفذ أحمدي نجاد بعض المشاريع التي تعزز مكانة
مشائي او اي من مرشيحيه في حال رفض تزكية الاخير من قبل مجلس الخبراء, مثل إطلاق
سراح الالآف من السجناء خاصة المسجونين بملفات سرقة بدفع مبالغ مالية من قبل احمدي
نجاد للجهات المعنية.

3-   السيناريو
الثالث هو إصطفاف التيار المحافظ (مجموعة خامنئي) و التيار الاصلاحي بقيادة خاتمي
حول رفسنجاني خاصة اذا استطاع رفسنجاني من تحقيق المستحيل و كسب رضا المتناقضين و
هما تيار خامنئي و تيار الاصلاحي و هذه مهمة صعب تحقيقها في ظل عمق الخلافات بين
التيارين.

خيار خامنئي في هذا الأمر هو ليس أسهل من خيار
رفسنجاني و عليه ان يختار أهون السيئيين رفسنجاني أو مشائي. و بما ان خامنئي وافق
على ترشيح رفسنجاني بعد ما عرف بترشيح مشائي حيث سيختار مرغما الوقوف الى جانب
رفسنجاني لمواجهة و هزيمة مشائي , خاصة إنه يعرف بان لا فرصة و لا حظوظ لمقربيه في
الفوز بالانتخابات. لا يمكن لولي الفقيه تكرار سيناريو الانتخابي لعام 2009 بتزوير
الانتخابات و تنصيب مرشحه. و سيتحالف الاعداء التقليديين الثلاثي و هم الاصلاحيين
و تيار رفسنجاني و تيار المحافظ بقيادة خامنئي الى جانب المراجع التقليد و الرجال
الدين في ايران الذين رفضوا توجهات مشائي بتبنيه المكتب الإيراني في مواجه المكتب
الاسلامي على حد وصفهم, لهزيمة مرشح أحمدي نجاد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى