آراء ومقالات

ولايتي… رئيسا لجمهورية إيران؟

 

  بعد
استبعاد مجلس صيانة الدستور في إيران أهم المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة وهما
مستشار الرئيس الإيراني الحالي وصهره إسفنديار مشائي وهو الشخصية السياسية المثيرة
للجدل, وكذلك القطب السياسي الأبرز في إيران وأحد صانعي النظام الديني وممثل الخميني
السابق في مجلس الدفاع الإيراني الأعلى, رئيس مجلس مصلحة تشخيص النظام, الرئيس السابق
علي أكبر هاشمي رفسنجاني عن سباق الرئاسة, يكون المجال مفتوحا أمام هيمنة كبرى على
السلطات في إيران من خلال بوابة الولي الفقيه علي خامنئي في ظل الظروف الصعبة والمصيرية,
التي تواجه النظام الإيراني وهي الأقسى والأشد منذ نهاية الحرب مع العراق صيف عام
1988, فلا يخفى أن جل المرشحين الباقين لخوض حلبة السباق الرئاسي هم من المرتبطين بقوة
بالتبعية الفكرية والعملية لبلاط المرشد الإيراني الأعلى والذين أبرزهم على الإطلاق
أحد أعمدة ووجوه السياسة الإيرانية منذ بداية عصر الخميني الراحل عام 1979 وهو وزير
الخارجية الأسبق, والمستشار السياسي والديبلوماسي الخاص لعلي خامنئي الدكتور علي أكبر
ولايتي الذي ظل لسنوات طويلة يمثل الديبلوماسية الإيرانية خلال المرحلة الخمينية وما
بعدها, والذي مارس سياسيا دورا مركزيا وفاعلا في بناء السياسة والديبلوماسية الإيرانية
قبل أن يتحول ليكون مستشارا خاصا للولي الفقيه للشؤون الخارجية الدولية, وحيث يمتلك
تجربة سياسية وديبلوماسية قوية وثرية للغاية تؤهله لأن يؤدي أدوارا مستقبلية مهمة في
تعزيز النظام الذي يواجه اليوم لحظات قلق وتوجس وإنعطافة تاريخية مميزة في ظل الصراع
الطافي على السطح بين معسكر المحافظين التواق لمواجهة العالم وبين تيار الاعتدال الذي
يحاول جاهدا ترسيخ أقدامه لإغلاق ملفات الصراع الدولي والإقليمي الحاد, وإعادة إنتاج
التجربة الإيرانية من خلال الإنكفاء على مشكلات الداخل وتعزيز الجبهة الداخلية والاهتمام
بالشعب الإيراني أكثر من الاهتمام بالصراع الإيديولوجي الذي بات يشكل عنصرا استنزافيا
مقلقا للنظام في إيران. لقد كان هاشمي رفسنجاني واضحا في تحديد مكامن القلق بعد رفض
قبول ترشيحه, وكان صريحا وهو يعلن أن إيران الحالية باتت تفتقد للعزة والكرامة الوطنية,
والاحترام الدولي التي كانت تمتلكها أيام الشاه الراحل! كما كان في منتهى الصراحة وهو
يعلن ضرورة الانفتاح على العالم بدلا من التقوقع حول شعارات التعصب الآيديولوجي المتخشبة
البائسة, ورعب التيار المحافظ من النظرة والرؤية الإصلاحية الرفسنجانية جعله يطوي صفحة
الرئيس السابق ويتنكر لدوره التاريخي والحاسم في تثبيت المرشد علي خامنئي نفسه على
عرش منصب الولي الفقيه.

وبين الأسماء الباقية والمرشحة
لخوض الصراع الانتخابي الرئاسي يظل اسم ولايتي هو الأبرز رغم وجود سعيد جليلي, فولايتي
يحظى بثقة المرشد, وهو من قيادات الصف الأول والمؤسسة للتجربة الإيرانية, كما أن طبيب
الأطفال السابق قد أظهر قدرة فائقة على البقاء وسط أطراف متصارعة ومتشاحنة ذهبت لأبعد
مدى في تصفية حساباتها, وجاء دوره لكي يعود للسلطة من خلال المنصب الرئاسي الذي يراد
له أن يظل حبيس إرادة ومشيئة هيمنة الولي الفقيه لكي لاتتم العودة لتجربة الرئيس محمود
أحمدي نجاد الذي دخل في صراع صامت ولكنه معروف مع مؤسسة الولي الفقيه, إيران وإزاء
اشتداد حدة الثورة السورية وإزدياد تورط الحرس الثوري الإيراني في معاركها من خلال
مشاركة “حزب الله” اللبناني والميليشيات الطائفية العراقية, ومن خلال زيادة
ضغط الحصار الدولي بسبب الملف النووي تعيش مرحلة حرجة للغاية يرى الجناح المتشدد فيها
ضرورة المواجهة لا التراجع, ولو بشكل تكتيكي, والذي يعتبره ذلك المعسكر بداية النهاية
للنظام الإيراني! النظام في إيران يعيش اليوم على فوهة بركان متفجر حقيقي مع تنامي
دعوات المعارضة الإيرانية في الخارج لانطلاقة وتجديد الربيع الثوري الإيراني, والذي
لو انطلق فإنه سيغير أشياء عديدة في الشرق القديم, وسيحدث تفاعلات وتطورات لا يمكن
التكهن بنتائجها.

 علي أكبر ولايتي هوالرئيس المطلوب لمواجهة تفاعلات المرحلة المقبلة, وحظوظه
بالتالي تظل هي الأعلى والأرجح في صيف إيراني ساخن وملتهب سيكون له ما بعده من آثار
رهيبة… الزلزال التغييري الكبير قادم وبقوة ليجتاح حصون الولي الفقيه, فهل سيتمكن
ولايتي من تعويم الموقف ? وهل سيكون الرئيس المنتظر الجديد لمواجهة المخاض الإيراني
الجديد ? كل الاحتمالات قائمة ومتوقعة?.

*كاتب عراقي

dawoodalbasri@hotmail.com

نقلا عن جريدة “السياسة”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى