آراء ومقالات

التفتيش عن خلايا حزب نصر الله في الخليج العربي؟

 

 في وقت تتسارع فيه الأحداث والتطورات على الساحة السورية, ويخوض أحرار الشام
ملحمة التحرير بإصرار وعزيمة لا تعرف الكلل والملل, وفي الحين الذي يتردد فيه المجتمع
الدولي, للأسف, عن تنفيذ التزاماته المعلنة ويتخفى تحت ذرائع شتى للتهرب من المسؤولية,
الأخلاقية والإنسانية, في حماية الشعب السوري ودعم مستقبله الديمقراطي ومساعدته على
التخلص من بقايا الفاشية السلطوية التي انتهى زمنها الافتراضي, تستمر دول الخليج العربي
بشكل جماعي في تحصين أوضاعها الداخلية, ومنع رياح الفتنة والتخريب من الوصول الى مجتمعاتها,
ومواجهة الغرف السوداء والخطط السرية الهادفة الى تمزيق المجتمعات الخليجية والهيمنة
على المنطقة وفرض الرؤى الظلامية والمتخلفة على شعوبها, واجتماع المنظومة الخليجية
وخلايا الأزمة لمتابعة وتقصي واكتشاف الخلايا السرية لعصابات حسن نصر الله تتحدد ضوابطه
برؤى أمنية, واجتماعية وسياسية, جد متقدمة, ووفق مقاربات أمنية وفكرية صعبة وحرجة,
ووفقا لقرارات الأمانة العامة لـ”مجلس التعاون الخليجي” ذات الصلة بمتابعة
خلايا وفروع وشبكات حزب نصر الله الإيراني.

الجهات الأمنية والاستخبارية
الخليجية تمتلك الخبرة الميدانية المناسبة نتيجة لتراكمات التجارب التاريخية طيلة عقدي
الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي للتعامل مع ذلك الملف الحساس ,كما أن تلك الأجهزة
تعلم بالضبط طبيعة التكتيكات المخادعة والمتحولة التي تلجأ إليها مخابرات “حزب
الله” في التخفي, والتحول, والوقوف خلف واجهات بريئة ظاهريا ولا تثير الشك والريبة
ولوبمجرد احتمال!, وهي عملية تقية سياسية واستخبارية متميزة  تتقن أبجدياتها, وحرفياتها, وتفاصيلها النوعية قيادة
العمليات السرية لذلك الحزب المستند في بنائه الهرمي والتكويني للخبرات الاستخبارية
الإيرانية الهائلة, وخصوصا في الخليج العربي, وحيث تمتلك تلك الاستخبارات شبكات هائلة
من الحماية, والتواصل, والاندساس توفرها لها مجاميع الخلايا السرية من التجار, والشركات,
ورجال الأعمال الذين يتستر بعضهم ويتمترس خلف أقنعة وجدران دينية وطائفية ومجتمعية,
فالأمر المعروف في عوالم المخابرات السرية إن شبكة “حزب الله” الاستخبارية
تمتلك من القدرات المادية, والبشرية, واللوجستية ما مكنها من اختراق احترافي لبعض أجهزة
المخابرات العربية أو أتاحت لها إطلالة مباشرة على بعض الملفات الخاصة! ولدول الخليج
العربي موقع متميز في هذا المضمار في ذهن وتفكير وتخطيط صانع القرار الإيراني في طهران.

“حزب الله” ضليع للغاية في استثمار
واستغلال الظروف المناسبة للتسلل, ففي أوروبا, مثلا, استطاع الحزب, ومن خلال منظومته
الأمنية التغلغل والتسلل الى أوساط طالبي اللجوء السياسي من اللبنانيين والعراقيين,
وبعض العرب, واستطاع تأسيس مراكز استطلاع واستخبار ومصالح تجارية مهمة تقف خلفها المخابرات
الإيرانية, وفي أقاصي المغرب تسللت المصالح الاستخبارية لـ”حزب الله” لتؤسس
مطاعم وأفرانا وشركات تجارية تستغل أجواء الاستثمار لخلق قواعد ومحطات استخبارية عاملة
ونشيطة, أما في الخليج العربي فإن للقواعد الخلفية لذلك الحزب فاعلية مهمة من خلال
اللوبيات الإيرانية في المنطقة وهي لوبيات فاعلة ومتمكنة, ولها شبكاتها المؤسساتية
الخاصة التي وفرت للحزب مصادر دعم وتمويل, وتسلل منهجي مبرمج, ومنظم, ويحظى بتغطية
طائفية ذات أبعاد ممنهجة. مهمة المنظومة الخليجية في استقصاء وتقصي ومتابعة الشبكات
السرية والخلايا التنظيمية لـ”حزب الله” صعبة بكل تأكيد لكنها ليست مستحيلة
في ظل الاصرار والإرادة والجدية الحاسمة والمطلوبة للتعامل مع المستجدات والملفات الأمنية
الشائكة.

تحصين السور الداخلي لمجتمعات
الخليج العربي لايكون عبر التمنيات والشعارات فقط, بل من خلال العمل الحثيث, والمباشر,
والإيمان المركزي بضرورة صد الهجمة الظلامية الهادفة الى اشعال نيران الفتنة ولقطع
التواصل بين عرب الخليج والأحرار العرب. معركة كسب الحرية وانتصارها في الشرق ذات أبعاد
ومضامين حضارية هائلة لا تقبل أبدا سوى خيار الانتصار والتقدم وليس النكوص, ومتابعة
تنظيمات الإرهاب والفتنة تحتل اليوم سلم الأولوية في الملفات الخليجية الحاسمة. دول
الخليج العربي مستهدفة بالخلايا السوداء ولا خيار سوى الإمساك بزمام المبادرة وطرد
الخلايا الضارة… ذلك هوالقدر الذي لا فكاك منه.

* كاتب عراقي

dawoodalbasri@hotmail.com

نقلاً عن جريدة “السياسة”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى