الأحواز ليست الصومال!
كل
الشعوب في العالم وكل إنسان على هذا الكون، مهما كانت صفته و بغض النظر عن دينه أو
معتقده من حقه أن يعيش حراً و معززاً مكرماً، بما نصت عليه الأديان السماوية
والقوانين الدولية، على أي بقعة من الأرض التي يتواجد عليها أو شيد حضارته عليها
أو عاش وتكاثر فيها.
فمن
هذا المنطلق أن الشعب العربي الاحوازي ليس استثناء من هذه الشعوب، بصفتهم تواجدوا على
هذه القسم من الأرض الغنية بالثروات التي استوطنوها منذ آلاف السنين، قبل أي وجود
لإنسان فيها غيرهم، قاموا سكانها ببناء حضاراتهم، بداية من الحضارة العيلامية
السامية التي استمرت لآلف السنين، مرورا بدولة المشعشعيين الذين حكموا الأحواز حوالي
الـ(500) عام، وحتى الدولة الكعبية سنة 1690م، التي استمر حكمها للقرن الماضي وانتهى تحديدا في تاريخ 1925 م على
يد رضا شاه بهلوي وذلك بدعم بريطاني بحت.
فمنذ
الاحتلال والغزو الفارسي، قاموا بالتضييق على أبناء هذه المنطقة بأبشع الصور اللاإنسانية،
استمروا بعمليات مخطط لها، لسرقة الثروات
الطبيعية التي هي مصدر رزقهم، أو سياسة محو الهوية، مثل التزوير والتدمير لكل ما
يختص بثقافتهم وتاريخهم، ازدادت عليهم الأوضاع سوءاً يوما بعد يوم من قبل كل الحكومات
الفارسية والتي سيطرت على ما تسمى بجغرافية ايران المتعاقبة، حيث استمر الإجرام والتنكيل
والسجون و الاعدامات، في كل الفترات بمن يطالب من الاحوازيين بحقوقه القومية
والوطنية، مقابل صمت عربي ودولي رهيب!، عاجز لا يرى إلا بعين عوراء لما يحدث لهذا
الشعب المظلوم.
كانوا
اهلها وقتذاك يعيشون في اطمئنان وخير وسلام، حيث كانت الأحواز ملاذا آمنا لكل من
قدم إليها من العرب والمسلمين في عهد آخر أمراءها الشهيد الشيخ خزعل الكعبي، لم
يكونوا أهلها يوماً ما يعانون من مشكلة اقتصادية أو يشعرون بمعضلة في المعيشة أو
في توفير لقمة الخبز، بما منّ الله عليهم من خير وبركة، فأما اليوم أن معاناتهم
العصيبة لا تعد ولا تحصى في مدنهم وقراءهم. في ظل الاحتلال الجاثم على صدورهم، تمت
سرقة البترول والغاز واقـتطاع الأراضي من اصحابها وبناء مشاريع ومستوطنات، بلإضافة
إلى تجفيف الأنهر الاحوازية بعدما تم بناء أكثر من 30 سداً على مصدرها ومن ثم
نقلها إلى المدن الفارسية، كذلك تم تجفيف الأهوار(المستنقعات) كهور الفلاحية وهور
العظيم، التي كانت تعيش فيها مئات وعشرات العوائل الاحوازية منذ الأزل، تحتوي هذه المستنقعات
الطبيعية الخلابة التي تقدر مساحتها بآلاف الكيلومترات على مياه عذبة وفيرة تجتمع فيها الأسماك وجميع الطيور والمواشي.
الأحواز
تعتبر أغنى دولة حيث هي أول دولة عربية خليجية تفجر بها النفط عام 1908م، مما كان ذلك
سبباً بلفت أنظار العالم لها ومن جانب آخر تسبب في احتلالها وجلب المصائب لشعبها!!
تنتج “لإيران” من البترول أكثر من 4 ملايين برميل يومياً، هذا ناهيك عن
الثروات الطبيعية الأخرى كالغاز والحبوب والمياه الخ… .
المحتل
الفارسي شن حرباً ضروساً على الشعب العربي الاحوازي في كل شؤون حياته المعيشية
والثقافية والتاريخية، لم يدع خطة جهنمية إلا وقام بتنفيذها. على سبيل المثال، خطط
الاستيطان و بناء المستوطنات في الكثير من المدن والقرى الاحوازية، تهجير الإنسان
الاحوازي للمدن الفارسية للتغيير الديمغرافي، في التركيبة السكانية، أستولى على
جميع خيراتهم بعملية عنصرية مبرمجة، قام بجلب الفرس من المهندسين والخبراء والاقتصاديين
وحتى عمال الفرشة “الإيرانية” والخياطة والحدادة وغيرهم.
من
بعد هذه السياسات العنصرية، كاد أن يتحول الأحواز الغني بكل هذه الخيرات الهائلة،
إلى صومال آخر! وقد يتحول إن استمرت عليه هذه المعاناة، لدرجة أصبح الإنسان الأحوازي
يعيش معاناة مزرية لا مثيل لها، فلا يفكر إلا بقوت يومه وهو يعيش على أغنى أرض!
حتى لو كان يحمل الشهادة الجامعية بالهندسة أو الحقوق أو غيرها، يلجأ الشاب لبيع
السجائر أو سائق تاكسي أو صاحب بسطية في الشارع أو بيع المخدرات، منهم حتى مات في
الشوارع والبعض الآخر ترك الأحواز ذاهباً للمدن الفارسية للبحث عن لقمة عيشه،
كذلك أكثر النساء الاحوازيات الشريفات العفيفات يبسطن بالشوارع لبيع سعف النخيل أو
المكانس! هنالك من هاجر الأحواز مغامراً
في حياته وحياة عائلته إلى دول أوروبية أو إلى استراليا والمئات منهم يتواجد
في المخيمات الاسترالية وغيرها، هذا غير الذين غرقوا منهم في قاع البحار في اندونيسيا، والحبل على الجرار.
أخيرا
وليس آخراً، لابد من وقفة حقيقة عربية اخوية من أنظمة وشعوباً، لنصرة الشعب العربي
الاحوازي وقضيته العادلة كفى سكوتا وخذلاناً، لابد من فتح ملف الأحواز وأخذ أموره
ومعاناته بعين الاعتبار من بعد الــ88 عاماً عجاف من الظلم والاضطهاد والحرمان.
لابد و أن يقف العالم وبالأخص العالم العربي لنصرتنا بكل السبل المتاحة والمسموح
بها قانونياً ودولياً، لابد من إيقاف
سلسلة الاعدامات المبرمجة تجاه ابناء الأحواز المستمرة، لذا على العالم العربي من
باب الأخوة العربية والإسلامية والإنسانية، أن لا يتجاهل نداءات الاحوازيين
اليومية وألا ينسى بأن كانت لهم أقوى إمارة عربية مستقلة في القرن الماضي، قبل أن
تصبح بلاد فارس “ايران” اليوم.