مغبون من وضع بيضه فى سلة إيران
في ظل التحالفات الدولية وتقدم التكنولوجية العسكرية، لم تعد
وسعة المساحة الجغرافية أو كثرة العدد البشري لدولة، عاملًا أساسيًا في الموازين
السياسية كما كان سابقًا، بقدر ما أصبح يشكله الموقع الجغرافي والمكون الاجتماعي
والمذهبي والتحالف السياسي لهذه الدولة أو تلك من أهمية. وعلى سبيل المثال نجد أن
دولة مثل فينزويلا التي لا يتجاوز عدد سكانها الـ 29 مليون نسمة، و
مساحتها التي لا تتعدى الـ 912,050 ألف كم، وبنسبة نمو
2.7 % ( حسب تقديرات 2001). استطاعت أن تقف بوجه أقوى دولة في العالم من
الناحية الاقتصادية والعسكرية، وأكبر منها مساحة وأكثر منها عددًا بمئات المرات،
ونعني بها الولايات المتحدة الأمريكية. وكذلك الأمر بالنسبة لكوبا البلد المجاور
لأمريكا التي استطاعت هي الأخرى أن تقف منذ أكثر من نصف قرن متحدية الولايات
المتحدة وتقاوم جميع المؤامرات الأمريكية ضدها. وإذا ما بحثنا عن الأسباب في ذلك
نجد أن بعض الفضل في ذلك كله يعود إلى التحالفات السياسية لهاذين الدولتين مع
محيطهما في القارة الأمريكية بالإضافة إلى تحالفهما مع قوى دولية عظمى خارج
القارة فهو ما أعطاهما هذه القدرة على الصمود والتحدي.
وفي منطقة الشرق
الأوسط نجد أن دولًا صغيرة بمساحتها وعدد سكانها، استطاعت أن تلعب أدوارًا سياسية
في مناطق عديدة من القارة الإفريقية والآسيوية، وحققت إنجازات اقتصادية وشهرة
عالمية كبيرة عجزت عن تحقيقها دول كثيرة تفوقها مساحة وعددًا. وهذا ما يدل على أن
هناك متغيرات كبيرة حصلت في مفاهيم الجيوبلتك الذي يعني البحث فيما يمكن أن يحقق
أهداف الدولة وأحلامها في التوسع والسيادة. فلم يعد مفهوم التوسع يجري كما كان
سابقًا عبر الاحتلال العسكري وتغيير أنظمة الدول المستهدفة بالقوة أو عبر
الانقلابات التي تنفذها مجموعة من ضباط الجيش مدعومين بمخططات استخبارات أجنبية.
لهذا أصبحت التحالفات الاستراتيجية هي النمط السائد في العلاقات بين الدول الكبيرة
والصغيرة وهو أمر يتم وفق آليات سياسية تضمن لكل الطرفين تحقيق مصالحهما
بالتراضي حيث يعطي للدول الصغيرة ضمان بحماية وجودها، ويحقق للدول الكبرى
مصالحها ويكف أيدي التدخل في شؤون الدول الأخرى. وهذا النمط السياسي في العلاقات
الدولية قد أنهى الحاجة للكثير من الحروب والاحتلالات العسكرية، وحفظ أرواح
الملايين من البشر، وساهم في التطور والنمو الاقتصادي للعديد من الدول والشعوب
في أرجاء المعمورة كافة.
ولكن رغم ما شهده العالم من تحول في العلاقات
الدولية، فقد بقيت إيران واحدها من بين دول الإقليم خلال العقود
الثلاثة من يبحث عن الحروب وخلق القلاقل في المنطقة لتحقيق أطماعها التوسعية في
الوقت الذي نجد حتى الكيان الإسرائيلي الذي ولد من رحم الحروب قد تراجع عن كثير من
أحلامه التوسعية وضرب على نفسه جدارًا وصار يعلن قبوله بالسلام مع العرب بحثًا عن
الحلول التي تبقيه كيانًا قائمًا. غير أن النظام الإيراني لم يأخذ هذه المتغيرات
بنظر الاعتبار وبقي مصرًا على نظرية التوسع، تحت اسم تصدير الثورة، وخلق
الفتن و زرع الإرهاب، تحت اسم نصرة المستضعفين، متجاهلًا حجم ما تلاقيه
الشعوب والقوميات في إيران من قهر وحرمان ومعانات معيشية وصحية واقتصادية بسبب
فقدانها للحقوق والحريات الإنسانية والسياسية مما حول هذه الشعوب والقوميات
إلى كيانات بشرية ينطبق عليها مفهوم المستضعفين بكل جدارة، وذلك بسبب السياسات
الرعناء لنظام ولي الفقيه المصاب بقصر النظر، وكثرة الفجر، وعدم الإيمان بقضاء
الله والقدر.
لذا فإن على المهرولين خلف الشعارات العاطفية التي
يطلقها نظام الولي الفقيه الإيراني لتحريك المشاعر المذهبية والطائفية
لبعض البسطاء هنا وهناك أن يعلموا بأن هذه الأساليب لم تجن لهم نفعًا، وأن النظام
الإيراني مهما صعد من تصريحاته العنترية فسوف لن يكن قادرًا على تخطي الخطوط الحمر
التي رسمتها التحالفات الدولية في المنطقة. لذا نصيحتنا للواهمين أن يجعلوا بيضهم
في سلة الوطن لكي لا يكسر البيض ولا تضيع السلة.
نقلا عن موقع المصريون