آراء ومقالات

الإعلام و إنتفاضة الأحواز في نيسان 2005 ..الحلقة1





إهداء و شكر

 

إلى من فجر إنتفاضة الخامس عشر
من نيسان و قدم حياته على كفه من أجل أن تستمر و تنجح الإنتفاضة النيسانية.

 

إلى شهداء الإنتفاضة النيسانية
جميعا الذين ضحوا بحياتهم من أجل الأحواز حرة عربية. إلى أول شهيد في الإنتفاضة
النيسانية راضي عبيات الذي روىّ بدمه الزكية أرض الأحواز الطاهرة.

 

إلى الشهيد ريسان الساري الذي
عانق حبل المشنقة حين أعدمته السلطات الإيرانية و أصبح نموذجا في التحدي و التضحية
من أجل تحرير الأحواز.

 

إلى أسرى الإنتفاضة النيسانية
الذين يقارعون المحتل و هم في الزنزانات و السجون.

 

إلى المناضلين الصادقين الذين
يعملون بإخلاص دون كلل و ملل من أجل تحرير الأحواز من أجل وصول شعبنا إلى حقه
الطبيعي في تقرير مصيره بنفسه و إسترجاع سيادته و بناء دولته العربية على كامل
أرضه من شط العرب حتى مضيق باب السلام في جنوب الخليج العربي.

 

أقدم شكري و تقديري للاستاذ
الدكتور اكرم محمد عبد كسار الذي بذل قصارى جهوده لمساعدتي من خلال رفع الإشكاليات
و تقديم الإرشادات المطلوبة في سبيل إنجاز هذا البحث.

 

مقدمة

 

لقد صدرت عشرات الكتب التاريخية
التي تبحث في واقع الشعب العربي الأحوازي بكل تفاصيله المكونة له حضارياً وثقافياً
، وعن نضالاته ضد الاحتلال
 عبر تاريخه القديم والحديث والمعاصر. وبرغم كل ذلك ظلت القضية
الأحوازية تراوح بمكانها على الصعيدين العربي والعالمي. وبرغم ما نشر من كم هائل
من المقالات و من كتب عن الانتفاضات والثورات الأحوازية بما فيها الإنتفاضة
النيسانية لعام 2005. إلا ان الجانب الاعلامي قد أهمل تماما. ومن الكتب التي ظهرت
حولها كتابان باللغة الفارسية
للكاتب الأحوازي عادل عباسي ربيخة, الكتاب الأول وعنوانه ” إنتفاضة ملت
عرب” نشر عام
 2006 .و الثاني تحت
عنوان “تاكتيك و إستراتيجي إنتفاضة ملت عرب”. تناول فيهما ، الأسباب
الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية التي أدت لإندلاعها و سياسات الدولة الإيرانية
قبل و أثناء و بعد الإنتفاضة. ولم يتناول مؤلف هذين الكتابين أو غيره الدور الذي
لعبه الإعلام الإيراني – الفارسي- الموجه نحو الشعب العربي في الأحواز في التعتيم
والتجهيل و تشويه الحقائق والأحداث على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ضمن
منهجية لصالح السلطة الحاكمة.

 

يتناول هذا الكتاب المستجدات
التي خلقتها الإنتفاضة النيسانية على أرض الواقع و الأثار التي تركتها
 على كل المستويات، والبحث عن المفقود منها و على نضال الشعب العربي
الأحوازي بشكل عام، وأحداث الانتفاضة النيسانية لعام 2005 وما تلتها على وجه
الخصوص ويتم التركيز على أهمية
الإعلام في الصراع المصيري
 , ودوره في
الإصطدام المستمر بين إرادتين متناقضتين.

 

ينقسم هذا البحث إلى تمهيد و مقدمة و ثلاث فصول و في كل فصل ثلاثة مباحث.
تناول الفصل الأول الإنتفاضة النيسانية في الأحواز. و تضمن المبحث الاول من الفصل
الاول الأسباب المباشرة و غير المباشرة و أهداف الإنتفاضة و تناول المبحث الثاني
من الفصل الاول الجهات الفاعلة في الإنتفاضة و تناول المبحث الثالث الأحداث التي
صاحبت الإنتفاضة و أهم نتائجها على الساحة الداخلية الأحوازية و الإيرانية و على
الساحة الخارجية العربية و الدولية. و شمل الفصل الثاني الإعلام الإيراني الفارسي
و الإنتفاضة النيسانية و تناول المبحث الأول الإعلام المقروء و المسموع و المرئي
للسلطة الفارسية تجاه الإنتفاضة النيسانية و تناول المبحث الثاني القرصنة و الحرب
الإعلامية الإيرانية ضد الناشطيين الأحوازيين في داخل الأحواز و خارجه و تناول
المبحث الثالث الإعلام المسموع و المرئي و المكتوب للمعارضة الفارسية تجاه
الإنتفاضة النيسانية. و تضمن الفصل الثالث الإعلام المقاوم و الإعلام المحايد تجاه
الإنتفاضة و تناول المبحث الأول من هذا الفصل الإعلام الأحوازي المرئي و المسموع و
المكتوب و معارك الإختراق و القرصنة و تناول المبحث الثاني الإعلام المكتوب
والمرئي و المسموع للشعوب غير الفارسية و تناول المبحث الثالث الإعلام المقاوم
الذي يشمل الإعلام الأحوازي و إعلام الشعوب غير الفارسية في إيران و الإعلام
المحايد و يضم الإعلام العربي المكتوب و المرئي و المسموع و الإعلام الغربي
المكتوب و المسموع و المرئي. و تضمن البحث في نهايته أهم الإستنتاجات التي توصلت
اليها من خلال القراءة للإعلام الأحوازي و الإيراني و العربي و الغربي حول
الإنتفاضة النيسانية و قراءة مستقبلية سريعة عن الإنتفاضة و تداعياتها على نضال
الشعب الأحوازي.

 

 

التمهيد

 

نبذة جغرافية و تاريخية عن الأحواز

 

تقع الأحواز العربية على إمتداد الضفة الشرقية من الخليج العربي،
بدءً من شط العرب شمالاً، و حتى مضيق باب السلام (مضيق هرمز) جنوباً. ومن الجهتين
الشمالية والشرقية تحدها سلسة جبال زاجروس التي تعتبر حاجزاً طبيعياً، وفاصلاً
جغرافياً بين الأحواز وبلاد فارس؛ حيث تجعل منهما منطقتين مختلفتين تماماً. ومن
جهة الغرب يحدها العراق، ومن الجنوب الغربي الخليج العربي والجزيرة العربية.
وتُعتبر الأحواز أرضاً وشعباً إمتداداً طبيعياً للوطن العربي من حيث البيئة
والسكان والتضاريس الخ. وتبلغ مساحة الأحواز 375 الف كم²، وتضم ست إمارات عربية
.1 و هي  القواسم، المرازيق، المنصور، آل علي، العبادلة، المحمرة. و من أهم المدن
الأحوازية هي:
 الأحواز
العاصمة،المحمرة، عبادان، معشور، أبو شهر، جمبرون (ميناء- بندر عباس)، الفلاحية، تستر، السوس، الحميدية، الخفاجية، الحويزة، البستين،التلال السبع، أيذج، العميدية، معشور، مسجد سليمان، الصالحية، القنيطرة، جزيرة الصلبوخ، وأبو هاني ( بهبهان). ولقد إحتلت
إيران تلك الإمارات العربية تدريجياً، وآخرها إمارة المحمرة
 في 1925؛ حيث
أعتقلت أميرها الشيخ خزعل الكعبي بخدعة توافقية مع بريطانيا، عندما تم إستدراجه
لإجتماع على سفينة
 في شط العرب، ومن ثم إغتالته في السجن عام 1936. 2

_________

 

1-    د. خالد المسالمة. الأحواز
الأرض العربية المحتلة, الطبعة الثانية, بوخوم, المانيا, 2008, مطبعة جامعة الرور, ص 49

 

2 –
المصدر السابق نفسه, ص 45

 

و الاحواز، جمع لكلمة حوز، و أصلها مصدر حاز بمعنى الحيازة و
التملك و كان العرب يستعملون هذا اللفظ دلالة على تمليك الأرض دون سواها.1 و يشيرون بها إلى الأرض التي أتخذها
الفرد و بين حدودها فاستحقها دون منازع. كما كانوا يعدونها دلالة للتبعية الإدارية
أو السياسية أو العشائرية بالنسبة للقبائل و الحواضر. يقول ياقوت الحموي في معجم
البلدان: “إن الأهواز أصلها الأحواز و جمع كلمة هوز و أصله حوز، فلما كثر إستعمال الفرس لهذه الكلمة
غيرتها حتى أذهبت أصلها جملة و تفصيلا. لأنه ليس في كلام الفرس حاء مهملة و إذا
تكلموا بكلمة فيها حاء قلبوها هاء”.2
 مثلا
يلفظون (الحويزة، هويزة و
الحميدية، هميدية، و أبو حميظة , أبو هميزة).

 

يتألف
علم الأحواز من ثلاثة خطوط عريضة بالألوان الأحمر ثم الأبيض ثم الأسود حسب الترتيب
من الأعلى إلى الأسفل. و تتوسط المستطيل الأبيض نجمة خماسية باللون الأخضر و حولها
دائرة بنفس اللون و ترمز الدائرة الى الوطن العربي و النجمة إلى الأحواز و بهذا
المعنى يكون الأحواز جزء من الوطن العربي. رسمت الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز هذا
العلم في عام 1968 من القرن الماضي. جاء هذا العلم بموازاة تبنيه في عدد من الدول
العربية مثل العراق و سوريا و مصر و اليمن من قبل التيارات القومية حينذاك و الذي
يعتبر علم الثورة و الوحدة العربية.

 

_____________________

 

1 -علي نعمة الحلو, الأحواز
“عربستان” دراسة جغرافية للاقليم,الجزء الأول,الطبعة الثانية, 1969, دار
البصري, بغداد, ص 14.

 

2-    نفس المصدر السابق, ص 14

 

بعد تعرض عيلام و بابل إلى إحتلال الأخمينيين
قبل حوالي 2500 عام, قام الاسكندر المقدوني بغزو المنطقة و إستطاع أن يدمر الجيش
الأخميني في “معركة أنابيلا” و جَزَءَ أرض بابل و عيلام إلى دويلات و
إمارات و إنفرد العرب بالمنطقة و أطلقوا عليها اسم الأحواز نسبة إلى ملكيات
قبائلهم لاقسامها.1 و
تأسست مملكة ميسان في المنتصف القرن الثاني قبل الميلاد حتى القرن الثالث للميلاد
و عاصمتها خاراكس (المحمرة الحالية) التي حكمها أربعون حاكما عربيا.2

 

خضعت الأحواز إلى الحكم الإسلامي بعد تحريرها فى معركة القادسية
“عام 637 م” بقيادة سعد بن أبى وقاص. و أصبحت الأحواز جزءا من الوحدة
السياسية، الدينية و الجغرافية فى الدولة الإسلامية تحت حكم الخلافة الإسلامية في
فترة خلفاء الراشدين و الدولة الأموية، حتى
سقوط الخلافة العباسية على يد المغول عام “613 هـ – 1258م”.3 بعد سقوط الدولة العباسية تأسست
عدة إمارات عربية فى الإقليم، أبرزها إمارة المشعشعيين التى أستمر حكمها زهاء
خمسمائة عام منذ “844 هـ -1436م” حتى عام “1142هـ 1729م”.4
   

 

_______________________

 

1-         شفيق الرشيدات,عربستان الجزء
العربي المغتصب , مطبعة عهدة و أنور, القاهرة- فبراير 1967, ص 11

 

2-    الدكتور منذر عبد الكريم
البكر, دولة ميسان العربية, كلية التربية, جامعة البصرة, إصدار دار الشؤون
الثقافية العامة ص 19 و 27 .

 

3-         لدكتور محمد حسن الزبيدي, امارة المشعشعين اقدم امارة عربية في
عربستان, مطبعة دار الحرية للطباعة- بغداد, 1982, ص,6 و 93 و 94 و 95.

 

4-     الدكتور مصطفى النجار و
الإستاذ فوأد الراوي،عربستان، إصدارات وزرارة الثقافة و الإعلام,دائرة الإعلام
الداخلي العامة, السلسلة الإعلامية 119,رقم الإيداع في المكتبة الوطنية ببغداد 48
لسنة 1981, ص 28 و 31و 32 .

 

 

ثم أسس الشعب الأحوازي إمارة بني أسد* و
إمارة المشعشعين
* في
القرن الخامس عشر و إمارة عربستان في الفلاحية
* ثم
في المحمرة
*،كما عرفت في القرون الماضية بهذا الإسم
دلالة على عروبة الأرض و الشعب. تصدى الشعب العربي في الأحواز لكثير من المحاولات
و الحروب التي أرادت النيل من سيادة الأحواز، ببسالة
و دافع عن أرضه و سجل بطولات في عدة منازلات ضد أطراف مختلفة، مثل بطولات مبارك بن عبد المطلب زمن
أمارة المشعشعين في مطلع القرن السابع عشر و بطولات الشيخ سلمان بن سلطان المعروف
بشيخ سلمان الكبير في أواسط القرن الثامن عشر، الذي
ذاع صيته في أنحاء أوربا بسبب قدراته الفائقة سياسيا و عسكريا. حيث قارع بشراسة كل
من البريطانيين و العثمانيين و الفرس، و
كان يملك إسطولا حربيا في الخليج العربي.
1

 

__________________

 

1-على نعمة الحلو,تاريخ امارة كعب
العربية في القبان و الدورق
 الفلاحية, مطبعة الغري الحديثة-
النجف-الطبعة الاولى-1968, ص 38-39

 

*إمارة بنو أسد: تأسست أمارة بني
أسد في الأحواز بعد سقوط خلافة العباسيين, و أتخذت من مدينة الأحواز عاصمة لها و
تذبذب نفوذها و سيطرتها على الأحواز بعد مجيئ المشعشعين و تأسيس دولتهم في
الحويزة.

 

* إمارة المشعشعين :(14361724م) .قامت هذه امارة في قطر الأحواز عام 1436م عندما تولى الحكم محمد بن فلاح بن هبة
الله، واتخذ
 الحويزة عاصمة له. وقد حافظت هذه الدولة العربية على
استقلالها رغم ما تعرضت له من محاولات الغزو على يد
 العثمانيين. وتعتبر فترة حكم مبارك بن عبد المطلب بدءًا من عام 1588م العصر الذهبي للدولة
المشعشعية حيث استطاع فرض سيطرته على كافة إقليم عربستان وطرد الج
يش
 الصفوي الفارسي من مدن الأحواز كلها. المصدر))الزبيدي، محمد حسين.
إمارة المشعشعيين: أقدم إمارة في عربستان
. ((1982

 

*إمارة عربستان في الفلاحية: 1690-1812, أتخذت من مدينة
الدورق و من ثم الفلاحية عاصمة لها. كان الشيخ سلمان الكبير الذي حكم ما بين
1737-1768 اقوى حاكم و فترة حكمة عرفت بالفترة الذهبية لامارة الفلاحية.

 

*إمارة عربستان في المحمرة:
(1812-1925م) أسسها الشيخ يوسف بن مرداو بن علي بن كاسب الكعبي و أتخذت من مدينة
المحمرة عاصة لها. و شهدت في فترة الشيخ خزعل الكعبي 1897 -1925 أقوى مراحلها
السيادية و كشف البترول في الأحواز في هذه الفترة و شهدت علاقات ديبلوماسية
ديبلوماسية و تخالفات سياسية مع عدد من الدول الاروبية و العربية منها بريطانيا و
الكويت و المملكة العربية السعودية و العراق.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى