آراء ومقالات

واجتاحني حب كارون( الحلقة الثانية ) فؤاد سلسبيل – أبورسالة





 

بسم الله الرحمن الرحيم

أقول لك عزيزي القارئ الكريم
بأنّ الذي اتحدث عنه هو مناضل أحوازي وقيادي من قادتنا الذين يستحقون منا كل هذا
الإعتناء بمسيرتهم وذكرها للأجيال، كان قائدا من قادة حركة الجماهير العربية
لتحرير الأحواز، وكان نشطا بكل ما تحمل هذه الصفة من معاني، كان وطنيا بمعنى الكلمة،
كان عربيا مخلصا لعروبته،

وكان أحوازيا متجذرا في تخوم
أرضه ومتأصلا بإلإصالة العربية كشعبه العربي الأحوازي، وكان حبه لوطنه تراه في
عينيه وفي محياه وهو يتكلم معك، كان على استعداد للشهادة في كل لحظة، حتى إنه كل
ما ودَّعَنا إلى اللقاء في اليوم الثاني كان يقول لنا: إدعوا الله لنا أن يرزقنا
الشهادة ونلتقي في جنان الخلد غدا لأننا بدون رتبة الشهادة سوف نموت إلى الأبد
.

 هكذا
كان هذا المناضل، إضافة إلى ذلك كان عزيز النفس لا يستحي من الفقر، وكان يقول أنا
غني بحبي لوطني وبنضالي من أجل خلاص وطني من المحتلين الفرس، والله لا أبالغ وأنا
أكتب عنه هذه الأسطر، صدقوني هذا الذي رأيته منه وإذا كان هناك من رأى عنه غير هذا
فاليكتب عنه، ولربما هو رأى الذي لم أراه أنا في هذا الشهيد رحمه الله، لأني رأيت
لهذا الشخص مقام كبير واحترام وافر عند الذين يعرفونه ومن الذين تعاملوا معه سواء
كانوا أحوازيين أو من الأشقاء العرب، لأنه كان معروفا بصدق الكلام والوفاء وحسن
السلوك والسكينة، وأما عن دماثة خلقه فحدِّث ولا حرج
.

نعم هذا هو الذي أكتب عنه وهو
الشهيد منصور مناحي حمود – أبو عوّاد، وستعرفون عنه كل شئ أعزائي المتابعين وأكثر
فأكثر في الحلقات القادمة من هذا الموضوع إن شاء الله، وعندما يأتي ذكره سوف أذكره
بلقبه الذي كان مفضل لديه وهو ( الحجي ) في الحلقات الآتية بدلا من إسمه الكامل،
لأنّ هذا الإسم هو إسمه الحركي عندما كان في تلك الفترة من الزمن، وأيضا لأنني
إعتدت أن اناديه الحجي حتى آخر حياته
.

لم أبالغ إذا ما قلت بأنه قد
غيّر مسير حياتي كليا عندما عملت معه، صحيح إنني تربيت في مضيف كبير وبيت عربي
عريق لا غبار عليه رضعت فيه لبن حب الوطن والعروبة وترعرعت وكبرت على ذلك وهو
مضيفنا مضيف أو بيت  الفيصيلية المعروف لدى ألأحوازيين خاصة أبناء مدينة المحمرة،
لكن لهذا الرجل فضل كبير عليّ وعلى غيري من المناضلين الذين ارتبطوا به إرتباطا
فكريا ونضاليا وأخويا لا ينكر ولا يُنسى أبدا
.

وأمّا الشخص الثاني الذي كان
يرافقه وكان يعرفني من قبل، وكانت وما زالت له معنا علاقات قديمة لا تسمح لي ظروفه
أن أذكر إسمه الحقيقي وأكشف عنه لكن أذكره كما كنا نسميه آنذاك بإسمه الحركي وهو
(( سعد أبو جريء )) وهو مناضل أحوازي كبير بتضحياته وانتمائه إلى عروبته ووطنه،
إنه من الأحوازيين الأبطال الذين يشار لهم بالبنان، وبأي وصف يليق بالأبطال وصفته
أظنني مازلت لم أعطيه حقه، كانت نفسه لا تعرف الخوف وأبية أمام المغريات وكان
يعتمد الحجي عليه ايما اعتماد، كان شهما صاحب غيرة عربية على وطنه وشعبه وأمته لا
توصف ولا أقول أكثر من هذا
.

 فجزاه
الله عن شعبه ووطنه كل الجزاء وما يستحقه، وحفظه من العدو الفارسي المحتل آمين يا
رب العالمين
.

 وأما
أبو رسالة فهو أخوكم فؤاد سلسبيل الفيصلي التميمي، فهو أحد المواطنين الأحوازيين
من مواليد  1955 في مدينة المحمرة آخر عاصمة لآخر أمير للأحواز، ولد في منطقة
الرويس من توابع مدينة المحمرة العربية وهو من عائلة عربية لعشيرة الفيصلية أو آل
فيصل وهي إحدى عشائر قبيلة تميم العربية الكبيرة، عاش في تلك الحقبة الزمنية عيشة
الطبقة المتوسطة من المجتمع، ترعرع على حب الوطن في كنف والدين عربيين، علموه حب
العروبة وتاريخها بما لديهم من معلومات عن هذا التاريخ خاصة وإن أغلب أهله وأبناء
عمومته شعراء وحتى يوجد من نسائهم من تقول الشعر الشعبي وهذا معروف لدى الجميع،
كان جده عن أبوه المرحوم الحاج عمار الحاج فيصل الفيصلي رجلا مؤمنا معروفا لدى
جميع من يعرف عوائلنا من الأحوازيين خاصة أبناء المحمرة، وكان زاهدا طلّق الدنيا
بالكامل
.

أما عن الوالدين والطفولة
وأٌقران طفولته وعن بيئته فسوف نترك كل هذا إلى الحلقات الآتية ولدينا مجال كثير
للتطرق لهذه الأمور إن شاء الله
.

انضمّ أبو رسالة وبكل شرف على
يد هذا الشهيد الخالد إلى صفوف التنظيم الأحوازي المعروف آنذاك وهو ( الحركة
الجماهيرية العربية لتحرير الأحواز )، حيث تم تكليفه من قبل قيادتها للتفرغ من أجل
العمل ضمن صفوف ( المنظمة السياسية للشعب العربي الأحوازي )، عندما قرر العرب
وخصوصا أهالي المحمرة تأسيسها بتاريخ 8/2/1979 لتكون ممثلا للعرب على الساحة آنذاك
وتعمل بشكل علني ورسمي مطالبة بحقوقهم المفقودة وغير المعترف بها من قبل سلطات
الإحتلال الفارسي، على أن تبقى الحركة الجماهيرية تعمل عملها شبه السرّي بعيدا عن
الأنظار قدر الإمكان من أجل تنظيم مجاميع سرية من الشباب الأحوازي للنضال من أجل
:

 أولا: توعية
الجماهير العربية التي لم تكتمل عندها بعد معلومات كافية ووافية عن وطنهم وعن
الإحتلال الإيراني لهذا الوطن
.

ثانيا: النضال من أجل
تحرير الأحواز خطوة بعد خطوة من خلال عمل سري ومدروس يجنبنا التضحيات الكبيرة قدر
الإمكان
.

ثالثا: إقناع الجماهير
العربية بالإنخراط في هذا الطريق لأن أغلب جماهيرنا آنذاك لا تعرف إلا إن الخميني
إمام ولا يجب أن يقف بوجهه أحد لأن من يقف بوجهه سوف يدخل جهنم، وهذا ماجعل الكثير
منهم أن يقفوابوجه الثورة والثوار آنذاك حتى إنجل الأمر بعد الأربعاء السوداء

وعَمِلَ أبو رسالة ضمن صفوف
المنظمة السياسية في مجال اختصاصه الإعلامي، وأيضا في مجال الشعر الشعبي الثوري
الذي كان ومازال يؤلِّفه بنفسه، وبما كان  يتمكن عليه من عمل يخدم به وطنه
وشعبه وقضيته الأحوازية العادلة في تلك الفترة
.

 كان
عمره آنذاك أي في عام 1979 أربعة وعشرون عاما ، وهو واحد من أولئك اللذين يعرفون
عن تلك الحقبة الزمنية وأحداثها بحلوها ومرّها، لأنه كان آنذاك المتحدث الرسمي
للمنظمة السياسية وشارك في ثورة المحمرة عندما قاد الجزار أحمد مدني هجوما وحشيا
بواسطة جيوشه ومليشياته والمستوطنين الفرس المدججين بأحدث الأسلحة وأفتكها وارتكب
مجزرة دموية  ضد أبناء الشعب العربي الأحوازي سوّد بها صفحات التأريخ
الايراني الفارسي، سمّيت مجزرة الأربعاء السوداء لأنها ارتكبت في يوم الأربعاء
المصادف 29/5/1979 ودامت لثلاثة أيام بلياليها استشهد وجرح فيها المئات من العرب
آنذاك، وسوف نتحدث عنها بشرح وتفصيل أكثر في الأتي من حلقات هذه السلسلة عندما نصل
إلى موضوعها
.

أثناء حدوث المجزرة، كان
أبورسالة، برفقة بعض من مناضلي شعبنا الابي، داخل مقر المنظمة السياسية عند
مهاجمتها من قبل الحرس الخميني بمساعدة المليشيات المتشكلة من المستوطنين الفرس
وبدعم من القوات البحرية الفارسية المتواجدة في قاعدة القوة البحرية في المحمرة،
وذلك فجر الأربعاء كما مذكور أعلاه
.

في الآتي من الحلقات ستتعرفون
على أبو رسالة وطفولته والمناضلين الذين كانوا أقران طفولته وشبّوا معه في نفس
المنطقة ومازالوا يناضلون معا إلى هذا اليوم أكثر فأكثر إن شاء الله
.

سأكتفي بهذا القدر في هذه
الحلقة وأترك ما تبقى من الموضوع إلى لقائنا الآخر والذي سيجمعني بكم إن شاء الله
، ولن أقول لكم إلى اللقاء قبل أن اهديكم وكل أبناء وطني في الداخل والخارج هذين
البيتين من الشعر العربي لإبراهيم إبن المهدي وهو شاعرٌ عاش في زمن العباسيين آملا
أن تروق لكم
:

وعسى الذي أهدى ليوسف أهله
… وأعزّه في السجن وهو غريب

أن يستجيب لنا فيجمع شملنا
… فالله ربّ العالمين قريب
 

والسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى