آراء ومقالات

الإبادة الكيماوية في سوريا والحرس الثوري؟



إن
صحت الأخبار المتداولة بين المراجع السياسية والأمنية في الشرق القديم عن دور
محوري للحرس الثوري الإيراني في إدارة الحرب الكيمياوية في سوريا وعن وقوفها خلف
جريمة 21 أغسطس المنصرمة التي تمثل نقلة نوعية كبرى في إدارة معركة النظام ضد قوى
الحرية والثورة والإنتفاضة، فإن تطورات الأيام والأسابيع القادمة تحمل معها نذرا
قوية جدا بإحتمالات جدية لتوسع ميادين الصراع وتشابكاته ودخول القضية السورية مدخل
التدويل المؤدي لحرب إقليمية ضروس تبدو كل العوامل والأسباب والإرهاصات مؤدية لها،
فالنظام السوري يقف موقفا متخشبا ومتعنتا وانتحاريا لا تراجع عنه، وهو يحارب
معركته المصيرية حتى الطلقة الأخيرة، لكون القضية ليست متعلقة بوجوده بل بمخطط
إقليمي واسع وبتحالفات أنظمة سيؤدي إنهيار نظام بشار معها لتغيير خارطة وشكل
وتحالفات المنطقة بالكامل، إنها بإختصار حرب الإرادة الإيرانية في الشرق الأوسط،
كما أنها النهايات المفجعة للتحالف الاستراتيجي السوري الإيراني الذي رسم صيغته
التي نراها اليوم طيلة 33 عاما من التحالف الوثيق بين نظامي طهران ودمشق رغم
التناقض الآيديولوجي الظاهر بينهما، لكن مصلحتهما الإستراتيجية العليا واضحة
بالكامل و مترابطة بشكل جنيني لا إنفصام عنه، وليس سرا إن المؤسسة العسكرية
السورية ما كانت لتصمد كل هذه الفترة الطويلة التي شارفت على الإقتراب من أعوامها
الثلاث في مواجهة الثورة الشعبية السورية لو لم تكن مسنودة من قوة إقليمية ودعم
مادي وتعويض فوري للسلاح الروسي ودعم إقتصادي هائل يوفر غطاء للإقتصاد السوري الهش
أصلا والذي دخل في مرحلة الغيبوبة والتلاشي والإندثار لولا المقويات الإيرانية و
العراقية وضخ مافيا الروسية المرتبطة بذلك التحالف الثلاثي الشرير، إنكشاف دور
الحرس الثوري الإيراني في الحرب الكيميائية السورية يعني بصريح العبارة بأن معركة
دمشق الحقيقية لن تنتهي إلا عند تخوم طهران التي تتحكم اليوم بقواعد اللعبة
السياسية والأمنية من قواعدها الثابتة والآمنة في كل من دمشق وبيروت وبغداد وبعض
عملائها ووكلائها في بعض دول الخليج العربي وهم عناصر معروفة بالإسم والهوية
والسحنة!! إذ يكاد المريب منهم أن يقول خذوني؟!.. ضربة الغوطة الكيمياوية ستؤسس
حتما لأوضاع جديدة رغم التردد الغربي الظاهر وفشل إدارة أوباما المترددة أصلا في
الإيفاء بوعودها عهودها وتعهداتها، لكن فضيحة الضربة الكيمياوية باتت تطرح اليوم
خيارات تكرر بل توسع أمثال تلك الضربات وشمولها حتى لبعض عواصم الإقليم وللمصالح
الحيوية للغرب ما لم يتم لجم المعتدي وإيقافه عند حده بل والتوسع في نقل معركة
إدارة الصراع الإقليمي الكبرى لتكون في عمق الدار الإيرانية ، لقد تجاوز ذلك
التحالف الشرير كل الحدود وأضحى يرفع خيارات إرهاب دولية لربما يتدثر بعضها بالروايات
والخلفيات الدينية والطائفية التي محورها الدجل والخرافة التي تسير مؤسسة الحرس
الثوري الإرهابية في إيران، لقد تحمل الشعب السوري تضحيات وكوارث رهيبة دفاعا عن
الأمة العربية ودفع ثمنا غاليا من دماء أبنائه لإستمرار الثورة الشعبية التي سقاها
بدمائه العبيطة وهو اليوم قد دخل التاريخ بإعتباره أول طلائع الشعب العربي الذي
تعرض لضربات مميتة بالأسلحة الفتاكة والمحرمة الدولية وضمن تصنيف أسلحة الإبادة
الشاملة وفقا للتكتيكات القتالية للحرس الثوري الإيراني التي طورت شكل ومعنى
الإرهاب الإقليمي من صيغته القديمة عبر الأفعال والأعمال الإنتحارية لشكله الجديد
في إبادة الشعوب، وهي جريمة كبرى ضد الإنسانية لن يفلت من عواقبها القتلة
والدجالون الذين يحركون عملاءهم الإقليميين بخيوط الولي الفقيه في طهران، لقد بين
أحرار الشام وعلى الملأ وأمام القوى الدولية الكبرى حجم ودرجة الجريمة التي لجأ
إليها تحالف القتلة الممتد بين طهران وبغداد ودمشق وعصاباتهم الطائفية القذرة،
ودرجة إنغماسهم في خرافيتهم وعدميتهم وإستهتارهم بالأرواح البشرية بل وتفننهم في
السادية عبر الإبداع في قتل الشعب السوري الحر ترجمة لمشاعر إنتقام صفوية حاقدة
نحيط تماما بأسبابها وعواملها، والمسألة اليوم لم تعد إسقاط النظام المجرم في دمشق
فتلك مسألة ومهمة مفروغ منها، ولكن القضية تتمحور حول محاكمة ومحاسبة مقترفي
الجرائم ضد الإنسانية وملاحقتهم لأوكارهم المعروفة وهي مهمة إنسانية شاملة تتشابه
ومهمة القضاء على الفاشية والنازية، متابعة وملاحقة ومحاكمة المعتدي والمدبر
لهجمات الغوطة الكيمياوية باتت تحمل أولوية قصوى في ظل مهرجانات الخرافة والدجل
الإيرانية التي يقع كاهلها الثقيل على أبناء سوريا الحرة، لن يفلت القتلة أبدا،
وستدوس أقدام أحرار الشام على رؤوس الفاشية والإرهاب للتحالف الثلاثي الشهير الذي
سيختنق بغازاته ويرحل بعيدا لمزبلة التاريخ… لقد تبين للعالم من هو المجرم
والسفاح وحامل بذرة الشر والجريمة والنخلف والخرافة.. وقد كان حقا علينا نصر
المؤمنين.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى