واجتاحني حب كارون(الحلقة السادسة)
رغم إني كنت من أبناء الحركة الجماهيرية العربية لتحرير
الأحواز لكنّ ( الحجي ) عندما رأى بأن وجودي في المنظمة السياسية للشعب العربي
الأحوازي ضروري كلّفني بأن أدخل وبكل قوة إليها وأن أعمل بكل ما أتمكن خاصة في حقل
الثقافة والإعلام، لأنه كان يعرف قدراتي وإمكانياتي في هذا المجال خصوصا وإنّ
الجميع كان يعرف وهو منهم بأنني شاعر شعبي ((على گد الحال )) أقوم بتأليف الأشعار الثورية التي تعبّر عمّا في
أعماق كل مواطن أحوازي يقاوم الإحتلال الفارسي.
وفعلا
دخلت إلى المنظمة وانضممت إلى صفوفها بشكل رسمي وعلني حتى إنني عُرفت بشاعر
المنظمة وأحد شعراء الثورة الأحوازية الذين كانت ومازالت فعل مقاومة كلماتهم
وأصواتهم للإحتلال الفارسي فعل المقاتلين المدافعين عن أحوازيتهم وعروبتهم بوجه
هذا الإحتلال البغيض.
كنت أعمل في المنظمة السياسية بكل تفانٍ وإخلاصٍ لوطني
مع بقية أبناء شعبي الذين كنت ألتقيهم كل يوم في مبنى المنظمة الواقع بجانب مركز
الشرطة العام في مدينة المحمرة المطلّ على نهر كارون في منطقة الخزعلية، وهذه
التسمية هي نسبة إلى إسم آخر أمير للأحواز وهو الشهيد المغدور الشيخ خزعل الكعبي
رحمه الله.
كنا نتجمع يوميا صباحا ومساءً في هذا المقر والذي أصبح
بمثابة بيت للعرب جميعا، لأنهم كانوا لا يفارقونه وكلما كان
لهم وقت جاؤوا إليه ليروا ماذا تريد منهم قيادة المنظمة السياسية، هل تريد منهم أن
يتظاهروا ضد المحتلين، أم يعتصمون، أم يقومون بتجمع ما إحتجاجا على أمر فيه مساس
للعرب من قبل السلطات الفارسية؟
نعم هكذا كانوا على أهبة الإستعداد كلهم.
كان المرحوم سيد هادي رئيس المنظمة السياسية آنذاك كلما
أراد العرب أن يسيِّروا مظاهرات من أجل المطالبة بالحقوق الشرعية لنا يرسل خلفي ويقول
لي: شد حيلك أريد منك أشعار حماسية
وثورية كون العرب ايهزون الأرض بيها.
وكنت أنفّذ ما يطلبه منّي رحمه الله حتى قال لي: أنت
تستحق أن تكون المتحدث الرسمي للمنظمة وأنت من يقرأ البيانات والكلمات الخاصة
بالمنظمة السياسية أمام الجماهير العربية هنا.
بالفعل أصبحت متحدثا للمنظمة أمام الجماهير لأنني أنا
الذي كنت أخبرهم عن كل ما تريده منهم قيادة المنظمة، وكنت حلقة الوصل بين الأثنين،
ورغم صغر سني نسبة إلى المناضلين الكبار لكن الناس كانت تحترمني وتقدرني، وهذه
نعمة من الله سبحانه وتعالى.
كانت المظاهرات التي تسيّرها المنظمة السياسية أو المركز الثقافي العربي في
المحمرة يشترك فيها الالآف من العرب الذين كان لي فيهم المئات من الأصدقاء ورفاق
الدرب الذين مازلت أتذكر أسماء بعضهم وللضرورات الأمنية أترك ذكر أي إسم منهم
والبعض الآخر نسيت إسمه لكنني مازلت أحتفظ في مخيلتي بهيئاتهم وشمائلهم.
وشرف كبيرٌ لي أن ألتقي اليوم في المهجر ببعض المناضلين
الذين عاصروا تلك الحقبة من الزمن أو اشتركوا في أحداثها، أولئك الذين قدموا
وضحوا ومازالوا يضحون ويصرّون على التضحية والعطاء عسى وأن يستنشقون نسيم الحرية
في الأحواز المحررة عن قريب، أو أن يودعوا هذا الجيل والأجيال القادمة وهُم
مطمئنين من أنهم أدّوا ما عليهم من واجب وطني يذكرهم فيه التاريخ والشعب عندما
تُذكر الحسنات والسيئات من الأفعال في المجالس والمدارس بعد التحرير.
أقول وبعد كل ما ذكرته حول هؤلاء الرجال ألا يستحقون من
أبناء هذا الجيل الإحترام اللائق بهم لأنهم الرواد والقدوة في النضال والعمل
الوطني ؟
نعم يستحقون كل ذلك من أشقائهم وأبنائهم ، لأنّ الشعب
والحركة الوطنية الأحوازية والتاريخ يعتز ويفخر بهكذا رجال أعطوا وضحّوا بما
تمكنوا وكانوا على أهبة الإستعداد للشهادة لكن إرادة الله ومشيئته جعلتهم أحياء
إلى يومنا هذا كي يرووا للأجيال الآتية ما مر عليهم من أحداث تستحق التوقف عندها.
إلى هنا أنهي هذه الحلقة والسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
ملاحظة:
من أجل تزويدنا بمعلومات، أو تصحيح معلومة، أو تزويدنا
بأسماء الشهداء أو بقية المناضلين الذين لربما ننساها ولا نذكرها مع الأسماء التي
نذكرها في الحلقات، أو من أجل أي استفسار تودون أن تستفسروه منا، يرجى التواصل
معنا عبر الأيميل التالي:
المصدر: موقع صوت الأحواز