آراء ومقالات

الأقليات العرقية بإيران.. الورقة المنسية في الحسابات الإقليمية


 

حازت العملية على الأهمية
لوقوعها فَجْر عيد الأضحى، والأهمية الأكبر تكمن في تزامنها مع مفاوضات جنيف بين
إيران والمجموعة 5+1 حول الملف النووي
.

 

استفاقت الأحواز على دويّ اِنفجار أنابيب الغاز الضخمة
قُرب مدينة “الخلفيّة” فَجْر عيد الأضحى، نَجَمَ عن عمليّة نفّذتها
“كتيبة الشهيد علي المطوري” التابعة لـ”كتائب الشهيد محيي الدين آل
ناصر” الجناح العسكري لـ”حركة النضال العربي لتحرير الأحواز”.

وأهدت الكتائب عمليتها للشعب العربي الأحوازي فباركت له
على طريقتها، مؤكّدة أن “هذا الشعب المجاهد يستحق التضحية بالغالي والنفيس
لخلاصه من ربقة الاِحتلال الأجنبي الفارسي”، وانتهجت الكتائب المقاومة توجيه
الضربات المتتالية ضد منشأة النفط والغاز في الأحواز والتي يستغلها الاِحتلال
الإيراني، فساهمت بقوّة في فرض القضية الأحوازيّة كطرف لا يستهان به، ليس في
حسابات الاِحتلال فحسب، بل حتى في المعادلات الدولية.

ومثلما حازت العملية على الأهمية لوقوعها فَجْر عيد
الأضحى، فإن الأهمية الأكبر تكمن في تزامنها مع مفاوضات جنيف بين إيران والمجموعة
5+1 حول الملف النووي وجملة من القضايا السياسية أهمها “التعاون المشترك
والعادل لتقسيم مناطق النفوذ في الشرق الأوسط فيما بين طهران وواشنطن” وفقاً
لتأكيدات برلماني ألماني. وأعلنت الكتائب في بيانها أن “ضربات مقاومة الأحواز
وبلوشستان وكردستان ضد دولة الاِحتلال الأجنبي الفارسي، تعد رسالة واضحة للمجتمع
الدولي تحذّره من اِرتكاب خطأٍ اِستراتيجي بإسقاط ورقة الشعوب غير الفارسية ضمن ما
تسمى بجغرافية إيران السياسية من أي معادلة إقليمية”.

وفي بيان لها باركت “المنظمة الوطنية لتحرير
الأحواز” (حزم) عملية “كتيبة الشهيد علي المطوري” وحثّت العالم على
ضرورة اِحترام إرادة الشعب العربي الأحوازي وحقّه في تقرير المصير، فنوّهت للدول
المتعاقدة مع الدولة الفارسية ضمن مشاريع اِستثمارية أو اِتفاقيات في مجال النفط
والغاز الأحوازي، لمراجعة حساباتها لأن ملكية الأرض وثرواتها الباطنيّة تعود لشعب
الأحواز”. و”منظمة حزم” المتشكّلة من ست فصائل بما في ذلك
“حركة النضال” وعدد من الشخصيات المستقلة، أكدت “عزم المقاومة
الوطنية الأحوازية على مواصلة ضرباتها ضد الاِحتلال الأجنبي الفارسي في كافة أنحاء
الأحواز، معلنة أن جميع المشاريع الاِستثمارية التي تعزّز نفوذ الاِحتلال في
الأحواز، معرّضة لضربات المقاومة. وفي رسالة مفتوحة وجهها “صلاح مزرعة”
(أبو شريف الأحوازي) مسؤول العلاقات الخارجيّة لمنظمة “حزم” إلى كل من
“جون كيري” وزير خارجية أميركا و”كاثرين آشتون” منسقة العلاقات
الخارجية لدول الاِتحاد الأوروبي، أكّد أن “ما تسمى بخارطة إيران الجغرافية،
تتشكل من عدة خرائط وتضم عدة شعوب لها تاريخها وتأثيرها على مجرى الأحداث تاريخياً
وكذلك في المستقبل المنظور”.

وأعلن “أبو شريف” أن “منظّمة حزم وكافة
القوى الوطنية الأحوازية تعد ممثلاً شرعياً للشعب العربي الأحوازي ولا يحق لدولة
الاِحتلال الفارسي تمثيل شعب الأحواز” وأن “منظّمة حزم غير ملزمة بأي
معاهدة تُبرم بين دولة الاِحتلال مع الأطراف الدولية من شأنها المساس بالمصلحة
الوطنية الأحوازية وحقوق الأحوازيين التاريخية والوطنية”.

وأعلنت المصادر الرسمية الإيرانية أن “أسباب
انفجارات منشأة النفط والغاز في الأحواز تعود لقدمها وتآكلها”، وفي حديثي مع
“عيسى مهدي الفاخر” المتحدث باِسم المكتب الإعلامي لـ”حركة النضال
العربي لتحرير الأحواز”، فنّد صحة الإدعاءات الإيرانية مؤكداً أن “وقوع
جميع التفجيرات في الأحواز يدحض إدعاءات الدولة الفارسية والدليل عدم وقوع أي
اِنفجار شمالي فارس رغم وجود بعض المنشآة للنفط والغاز”.

ويرى “مهدي الفاخر” أن “حركة النضال
العربي لتحرير الأحواز وجناحها العسكري ومن خلال عملياتها البطولية، تؤكد وجودها
الدائم على أرض الواقع وإن استهدافها لخطوط أنابيب النفط والغاز الرئيسة ستضرّ
كثيراً باِقتصاد الاِحتلال الفارسي وتبعث رسائل واضحة وقوية مفادها أن الشعب
العربي الأحوازي وكذلك الشعوب غير الفارسية لن تكون ضمن أوراق الاِحتلال ليلعب بها
على طاولات التفاوض مع المجتمع الدولي، وأن هذه الشعوب تمتلك الإرادة الكفيلة
بجعلها صاحبة القرار السيادي على الأرض على الدوام”.

ولا ريب أن ضربات “المقاومة الوطنية
الأحوازية” المتتالية ضد المنشأة الاِقتصادية الكبرى في الأحواز المحتلة،
تساهم بقوة في شل المشروع الإيراني التوسعي في الوطن العربي ويقلص دائرة نفوذ
طهران الإقليمي والدولي ولا أدلّ على ذلك من اعتراف دائرة الجمارك الإيرانية في
أحدث تقاريرها الشهرية بالاِنخفاض الشديد في صادرات إيران للغاز المكثّف عالي
الثمن.

وأكدت إدارة الجمارك أن “صادرات إيران من الغاز
الكثيف ومشتقاته سجلت خسائر بقيمة 340 مليون دولار في الشهر الواحد خلال الأشهر
الستة الأخيرة”، علماً أن “المقاومة الوطنية الأحوازية” نفذت ثلاث
عمليات نوعية في “معشور” و”الفلاحيّة” و”الخلفيّة”
في الأحواز المحتلة خلال الأشهر الثلاث الأخيرة، استهدفت جميعها خطوط أنابيب الغاز
الرئيسة لغاز الإيثان والغاز الكثيف عالي الثمن، كما نفذت سلسلة عمليّات مماثلة ضد
منشأة النفط والغاز مِن قَبْل.

وسجلت صادرات إيران من الغاز الكثيف والإيثان ومشتقاته
انخفاضا بنسبة 37 بالمئة خلال الستة أشهر الماضية وذلك قياساً بالأشهر الستة
الأولى من العام الماضي. ففي حين بلغت صادراتها من الغاز الكثيف ومشتقاته قيمة
عشرة مليار دولار قبل عامين، تدنت صادراتها إلى 3.1 مليار دولار خلال الستة شهور
الأولى من هذا العام. الأمر الذي يؤكد مدى التأثر السلبي لمنشأة الدولة الفارسيّة
في مجالي النفط والغاز بسبب التفجيرات المتتالية للمقاومة الوطنية الأحوازية.

قد تستطيع الدولة الفارسية الوصول إلى تفاهمات مع
المجتمع الدولي حيال ملفها النووي ودائرة نفوذها الإقليمي، إلا أن قضايا الشعوب
غير الفارسية ضمن ما يسمى بجغرافية إيران، تشكل معضلة مستعصية على طهران.

وواقع الحال يؤكّد أن اتباع سياسة القمع المسلح ضد مطالب
هذه الشعوب في حقها بتقرير مصيرها لم تجد نفعاً ولم تتمكن من كسر إرادتها
وتطلعاتها نحو الاِستقلال، خاصّة أن المقاومة البلوشية والكردية هي الأخرى رفعت من
وتيرة عملياتها ضد أهداف تابعة للاِحتلال الأجنبي الفارسي مؤخراً.

وارتفاع وتيرة التنسيق فيما بين القوى الوطنية الأحوازية
مع نظيراتها الممثلة لشعوب المنطقة كالبلوش والأكراد والآذريين، يساهم كثيراً في
فضح جرائم الاحتلال الأجنبي الفارسي وضعف الدولة المركزية بطهران ومن شأنه
الاِرتقاء إلى فرض قضايا هذه الشعوب على المجتمع الدولي والاِعتراف بها كأطراف لا
يمكن تجاهلها في المعادلات الإقليمية والدولية، وتنذر بمستقبل واعد قد يساهم في
تغيير الخارطة الجغرافية الفعلية لما تسمى بالدولة الإيرانية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى