آراء ومقالات

اعتدال روحاني المزعوم.. دموي بالأساس

         



النظام
الإيراني يتميز بتطبيق ‘اعتدال’ مبني على القتل وسفك الدماء، وعهد روحاني المعتدل شهد
تنفيذ 400 إعدام.


دشّن
“حسن روحاني” عهده بسلسلة إعدامات غير مسبوقة فبعد مرور أكثر من مائة يوم
على تسلمه سدة الرئاسة في إيران، أعدمت محاكمه نحو 350 ناشطاً سياسياً معظمهم من أبناء
الشعوب غير الفارسيّة وخاصّة البلوش والأحوازيين والأكراد والآذريين، ناهيك عن مئات
الآخرين الذين تم إعدامهم بتهم مختلفة
.


ومنذ
أيام فقط شهدت مدينة “الفلاحيّة” في الأحواز المحتلة موجة احتجاجات عارمة
لتلقيها نبأ إعدام أربعة من أبنائها على يد الاحتلال الأجنبي الفارسي الذي تمسّك برفض
تسليم رفاتهم إلى أسرهم وذويهم خشية اتساع رقعة الاحتجاجات
.

 

وأكدت
مصادر أحوازية قيام الاحتلال بدفن جثامين الشهداء الأربعة في مناطق جبليّة يصعب الوصول
إليها، وسجّل الاحتلال على نفسه جرائم مماثلة من قَبل بدفنه جثث شهداء الأحواز في مناطق
نائية وردم قبورهم بالخرسانة المسلحة بسبب قيام بعض الأسر الأحوازية وبمساعدة المقاومة
باستعادة رفات أبنائها ودفنها سراً في الأراضي الأحوازية
.

 

ولم
يكتف الاحتلال بإعدام الأسرى الأحوازيين الأربعة، فشنّ حملة اعتقالات ومداهمات واسعة
النطاق بمدينة “الفلاحية” طالت الكثير من المحتجين، ونقل أسيرين أحوازيين
آخرين هما “هاشم شعباني” و”هادي راشدي” من سجن “كارون”
بمدينة “الأحواز العاصمة” إلى مكان مجهول، ويبدي ذوو الأسرى قلقهم من إمكانية
تنفيذ حكم الإعدام ضد أبنائهم. وكل ما فعله الأسيران هو إنشاء “مؤسسة الحوار الثقافي”
بمدينة “الخلفيّة” الأحوازية تهدف إلى التوعية والتواصل بين الشباب العربي
.

 

وفي
الوقت الذي أكدت فيه عدّة مصادر على “الحوار” الإيراني مع مندوبي الكيان
الصهيوني بوساطات غربية إبان سفر “روحاني” والوفد المرافق له إلى “نيويورك”
واصطحابه النائب البرلماني اليهودي “سيامك مره صدق” لاِستمالة هذا الكيان
الغاصب لفلسطين بضمان حقوق الأقلية اليهودية في بلاده رغم أنها لا تتجاوز بضعة آلاف
فقط، أما الشعوب غير الفارسية التي تشكل أكثر من 70 بالمئة من تعداد سكان ما يسمى بجغرافية
إيران، فحكومة “الاِعتدال” لـ”روحاني” تكفل حقها بالقتل وإراقة
الدماء
.

 

وفي
حين يرى البعض أن الدولة الإيرانية تتعامل مع أبناء الشعوب غير الفارسية ضمن ما تسمى
بجغرافيتها على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية وحتى العاشرة، فواقع الحال يبيّن أن
هذه الدولة لا تعترف بمواطنتهم أصلاً، ويؤكد ذلك “علي يونسي” مستشار
“روحاني” لشؤون الشعوب والمذاهب باعترافه أن “دولته لا تمنح المناصب
والمراكز الحساسة لأبناء الشعوب غير الفارسية وتعتبرهم أجانب وليسوا منها”. وتأتي
تصريحات “يونسي” بعد ارتكابه سلسلة جرائم ضد أبناء هذه الشعوب عندما شغل
منصب وزير الأمن في عهد حكومة “محمد خاتمي” التي تدّعي الإصلاح
.


وفي
الوقت الذي تحتفل العديد من دول العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من
شهر ديسمبر الحالي، فإن الدولة الفارسية تحتل المرتبة الأولى عالمياً في الإعدامات
وفي انتهاك هذه الحقوق وفقاً لتقارير المنظمات الحقوقية التابعة لهيئة الأمم المتحدة،
وبهذه المناسبة فأن “مارتن لسنتين” المتحدث الأممي باسم حقوق الإنسان، حذّر
بشدة من ارتفاع نسبة الإعدامات في حكومة “روحاني”. أما “أحمد شهيد”
المقرّر الأممي المكلف بحقوق الإنسان في إيران، فأكد بلوغ نسبة الإعدامات إلى 400 حالة
في عهد “روحاني”، وترجّح العديد من المصادر الحقوقية أن الأرقام الحقيقية
تتجاوز ذلك بكثير
.

 

ويبدي
الغرب مرونة غير مسبوقة حيال الاِنتهاكات الإيرانية الخطيرة لحقوق الإنسان وتشبثها
بمواصلة جرائم الإعدامات السريّة، إذ لم تعر طهران أدنى اِهتمام لبيان مسؤولة السياسة
الخارجية للاتحاد الأوروبي “كاترين آشتون” ومطالبتها إيران رسمياً بوقف الإعدامات
ضد الأحوازيين. والواضح أن “روحاني” منح لنفسه الضوء الأخضر في إبادة الجبهة
الداخلية كما ترى إيران بعد نعته من قبل الكثيرين بتجرّع كأس السم بتوقيعه على الاتفاقية
النووية، خاصة أنها تتسم بإملاء الغرب ما يشاء من شروط على بلاده
.

 

ونستشف
المرونة الغربيّة حيال انتهاك “روحاني” لحقوق الإنسان في تصريحات “مارتن
لسنتين” وتأكيده على “ضرورة عدم تجاهل الأوضاع الخطيرة لمجاميع كبيرة من
سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين في إيران مقابل تنازلاتها حيال الملف النووي”،
وكذلك اِكتفاء المسؤول الألماني لمراقبة شؤون حقوق الإنسان “ماركوس لونينغ”
بإعلانه عن تضاد سياسة الدولة الإيرانية والوعود التي قطعها “روحاني” لاِحترام
حقوق الإنسان، وإبدائه القلق حيال قيام إيران بإعدام الشباب دون السن القانونية. ولن
تجدي نفعاً مناشدات هيئة الأمم المتحدة لـ”روحاني” بالإيفاء بوعوده حيال
مراعاة حقوق الإنسان بعد مرور مئة يوم على تسلّمه رئاسة الجمهورية، ويتسابق “روحاني”
مع الزمن لتطهير السجون باِرتكابه المجازر والإعدامات السرية والجماعية، رغم توقيع
بلاده على المعاهدة الدولية للاعتراف بالحريات السياسية والمدنية، المعاهدة التي تفرض
على الدول الموقعة عليها عدم تنفيذ أحكام الإعدام إلا في حالة تورّط المتهمين بجرائم
كُبرى
.


ولكن
بالنسبة لِما تسمّى بـ”جمهورية إيران الإسلامية” فإن الجرائم الكبرى تكمن
في إصرار البلوشي والأحوازي والكردي والآذري على حقه في تقرير المصير وتمسّكه بدينه
وهويته كون ذلك يشكّل خطراً على الهوية الفارسية ومن شأنه المساهمة في إطفاء نيران
المجوس التي تملأ مداخل طهران وأصفهان وشيراز حيث يحتفل الفرس في “الأربعاء”
الأخير من كل عام، وتبرّكاً بهذا اليوم، على جماجم من يناهضهم
.

 

ويطلق
الأحوازيون تسمية “الأربعاء السوداء” على الأحداث المريرة عام 1979 حين دشّن
“الخميني” عهده الدموي باِرتكاب مجزرة شنيعة بمدينتي “المَحَمّرَة”
و”عَبّادَان” الأحوازيتين، راح ضحيّتها أكثر من أربعمائة شهيد، وفي الصيف
الماضي نفذت إيران جريمة الإعدام ضد ستة أسرى أحوازيين في سجن “كارون” سيء
الصيت بمدينة الأحواز، ويشهد كل يوم “أربعاء” سلسلة إعدامات سريّة وجماعية
في مختلف السجون ضمن جغرافية ما تسمى بإيران. وامتدت جرائم “الأربعاء” الفارسيّة
إلى “سوريا” بوقوع العديد من المجازر فيها في هذا اليوم، وأشهرها تلك الجريمة
النكراء التي أودت بحياة مئات السوريين جرّاء الهجوم بالسلاح الكيميائي على “الغوطة
الشرقية” في أغسطس الماضي
.

 

ومثلما
تتميّز إيران في تعريفها وتطبيقها الخاص بها للجريمة الكبرى، فأنها تتسم بذات الميزة
في تطبيقها لمفهوم الاعتدال المبني على أساس القتل وسفك دماء الأبرياء.




اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى