آراء ومقالات

أين يقع المستوطنون في معادلة الاحتلال

 

يعاد نشره


الاحتلال هو الوضع الذي
تكون فيه السلطة السياسية والسيادة الفعلية لقوة أخرى غير قوة أبناء الوطن، وكل من
يُمثل هذه القوة من غير أبناء الوطن عسكريا كان أو مدنيا ويسعى إلى استمرارها في هذا
البلد ينعت بالمُحتل ويصنف ضمن الاحتلال
.

وهذا حال الاحتلال الفارسي
للأحواز حتى وإن كان في مقدور المراقب السياسي أن يقسمه إلى وجهين بمعنى الوجه العسكري
المتمثل بالجيش والحرس الثوري والباسيج والشرطة والمؤسسات الأمنية الأخرى والوجه الأخر
أي المدني المتمثل بكل إنسان غير عربي دخل الأحواز عنوة وساهم في تكريس الظلم والاضطهاد
وهم المستوطنون الدائمون والمؤقتون
.

إن الكثير من أصحاب الرأي
ومن لهم باع في السياسة يتخوفون من الوجه المدني للاحتلال أكثر من الوجه العسكري. لأن
هذا الوجه للاحتلال الفارسي المتمثل بالمستوطنين يمنح الاحتلال فرصة وإمكانية أوسع
من المؤسسات العسكرية والأمنية في التأثير على ثقافة الشعب العربي الأحوازي وعاداته
وتقاليده وبالتالي تغيير هويته العربية وصهره بالمجتمعات الإيرانية. وترجع إمكانية
التأثير والغزو الفكري والثقافي للمستوطنين على الشعب العربي الأحوازي، لأنه يعيش في
وسط الشعب الأحوازي ويرتبط به ويختلط معه أكثر من المؤسسات الحكومية الأخرى
.

إضافة على هذا الخطر إن
المستوطنين في المفهوم السياسي يعتبرون كالغدة السرطانية التي تتوسع يوما بعد يوم وتأكل
الجسد. إن القضية الأحوازية وعلى المدى البعيد مهددة من المستوطنين أكثر مما هي مهددة
من المؤسسات العسكرية والأمنية. فهذا الوجه المدني للاحتلال (المستوطنون) يتكاثر يوما
بعد يوم وأصبح يملك أراضي ومشاريع اقتصادية وثقافية وسياسية في الأحواز بمساعدة الاستخبارات
الفارسية لضرب البنية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للشعب العربي الأحوازي وتفكيكها
.

إن الكثير من السياسيين
يعتبرون الاعتماد الأعمى على المؤسسات الدولية في مطالبنا المشروعة والتعويل عليها
وعدم الإصغاء لمطالب الشعب وأخذها بعين الاعتبار، سيفتح المجال أمام شهية الاحتلال
وسيمنحه الفرصة الكافية حتى يكون في المستقبل له حق في الأحواز أسوة بالعرب السكان
الأصليين وذلك عن طريق المستوطنين
.

لذلك باتت ضرورة ملحة
أن تؤخذ التهديدات الصادرة من المستوطنين على المجتمع الأحوازي بعين الاعتبار وأن يتم
التعامل مع مصدر هذه التهديدات بالطريقة المناسبة وفي أسرع وقت وقبل فوات الأوان. وإن
إمكانية النجاح في التعامل مع ملف المستوطنين واستئصالهم من المجتمع الأحوازي لن تكون
إلا في حال استخدمت جميع الطرق والوسائل المتاحة والممكنة عند الشعب الأحوازي في هذا
الملف، وأيضا في حال إصغاء التنظيمات لمطالب الشعب الأحوازي وأخذ مصالحه الحالية بعين
الاعتبار وعدم رهن التعامل مع ملف الاستيطان لظروفها المستقبلية
.

إن الاحتلال الإيراني
له أوجه عديدة وجميعها أهداف مشروعة للشعب الأحوازي، فالاحتلال لا يمكن اختصاره بمظهر
دون المظاهر الأخرى حتى وإن تهيأ لنا عدم خطورة تلك المظاهر. فيجب على الإنسان المناضل
أن يحصي أوجه الاحتلال حتى وإن كانت لا تختصر بهذا العدد وهي المؤسسات الحكومية، العسكرية
منها والأمنية والسياسية وكل من يعمل فيها وأيضا المؤسسات شبه المدنية أي المملوكة
من قبل شخصيات الاحتلال والمشاريع الاقتصادية والثقافية والإدارية وكل من يعمل بها
من غير العرب، وأن يتعامل معها بالطريقة التي يراها مناسبة لطرد المستوطنين أو جعل
الأحواز منطقة غير آمنة لهم
.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى