آراء ومقالات

مواقف الشارع الإيراني حيال الجزر الثلاث


 

یتبع الاعلام الایرانی
أسلوبا معينا في المنهج رغم التطورات التي تجري فی العلن في الساحة السياسية
الإيرانية .وتبدو هذه المنهجية في الاعلام متناغمة تماما مع الإستراتيجية
الإيرانية و رأي العام الإيراني(الفارسي) وحتى المعارضة لفظاً ومضموناً
ومتناسقاً كلياً مع ما يمارسه الإعلام الإيراني الرسمي الناطق باللغة العربية
الذي قام بتحريف كثير من الحقائق في المنطقة ,ومنها هوية الجزر الإماراتية
الثلاث المحتلة طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، في خطوة تتعارض مع رغبة
الإمارات المتحدة العربية في مواصلة الحوار لحل الخلاف حولها، وسعى هذا الإعلام
يخاطب الجماهير في العالم العربي ,سيما في الشارع الإيراني لتأكيد “إيرنة
الجزر” في محاولة لطمس هويتها وإلغاء كل ما يمت لعروبتها
.

في هذا العرض سوف ندرس
سيكولوجية الشارع الإيراني الذي يهتم بشان الجزر الثلاثة وليس النظام فحسب.
يعتقد أن العالم العربي بما فيه الإمارات
 المتحدة
العربية بعيد جدا عن حلحلة الخلاف حول الجزر ومستقبلها ,لذلك الخطوة الأولى لابد
أن تفعلها أن تتأكد أنك بالفعل على معرفة بالحس الثوري للأطياف الثلاثة في إيران
حول هذا الموضوع: الأولى، النظام السياسي الحاكم والاخرى أزمة المعارضة التي
تعتبر فظيعة جدا ألا وهي تبنى الأيديولوجية المعادية للإسلام ,وسوف تؤثر سلبيا ،
ثالثاً، أمام أزمة الشارع الإيراني ,وتعتبر معقدة وإيجابية أيضاً ,حيث ينقسم
الشارع الإيراني إلى قسمين: الأول، المتمثل في السلطة, وهو عبارة عن الشعب
الفارسي (الموالاة والمعارضة) ومن جهة اخرى الشعوب غير الفارسية المعادية للنظام
الحاكم في جغرافية إيران ولا تعتبر هذه المجموعة ضمن المعارضة الإيرانية
ولايمثلها الشارع الإيراني الرسمي، حيث تطالب بالاستقلال ,ولها مطالب تفوق الأمن
القومي الايراني. اذن ,لابد أن تدرك الإمارات المتحدة العربية هذه النفسيات
الثلاث لتضع نفسها على طريق حلحلة الأزمة مع إيران في المستقبل
.

أستطيع القول إنه
تبنّى النظام الإيراني في إعلامه الرسمي وغير الرسمي، طريقا أعتقد أنه مخالف لكل
أصول أى القوانين الدولية ,فتعامل مع الإمارات بشكل استقوائي ومتفرعن, وجعل من الجزر
الاماراتية عمقاً استراتيجياً لنفسه. كما يلاحظ أن وكالة فارس التابعة للحرس
الثوري ومعها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية وعموم الإعلام، في ظل الحكومات
المتتالية في إيران بدءاً من الأصولية وتليها البراغماتية والإصلاحية والمتشددة
وأخيراً الاعتدال، تجدد التأكيد على ملكية الجزر لإيران ,وتعمدت أن تسمي الجزر
الثلاث بالطريقة التي تلفظ بهابحرف “التاء” وليس “طاء” كما
هو مكتوب في كل الوثائق التاريخية ومنها بالطبع الوثائق الإيرانية الرسمية
.

أغلقت السلطات
الإيرانية كل أبواب الحوار ,وأكدت إن أي تصريحات عن الجزر لا تستند إلى الحقائق
القائمة في منطقة الشرق الأوسط متجاهلة تماما ما نشرته الإمارات المتحدة من
وثائق وتخبط النظام من طريق إلى طريق آخر , حيث أشار مراقبون الى آخر تعليق أدلت
به المتحدثة باسم وزارة الخارجية الايرانية في حكومة روحاني، مرضية أفخم في
الإعلام حول هذه الجزر الثلاثة، مستخدمة الأطر السلمية المتعارف عليها في حل مثل
هذه النزاعات ,ومنها الذهاب الى التحكيم الدولي وهو ما ترفضه السياسة الإيرانية
جملة وتفصيلا ومن جهة أخرى أكدت «أفخم» عدم حصول أي تغيير في مواقف بلادها تجاه
سيادتها على الجزر الثلاث، التي قالت إنها جزء لا يتجزأ من التراب الإيراني
وستظل كذلك إلى الأبد، وفقاً لما نقلته عنها وكالة “تسنيم” البوابة
الإعلامية التابعة للحرس الثوي الإيراني
.

ينسجم الحس الثوري لدي
القيادات السياسية الإيرانية المتتالية تجاه الجزر الاماراتية الثلاثة منذ
الثورة حتى حكومة الاعتدال الأخيرة ,حيث رفضت المتحدثة
 باسم
وزارة خارجية إدارة الرئيس روحاني، مرضية أفخم، التاكيدات المطروحة حول الجزر في
بيان الاجتماع الواحد والثلاثين بعد المائة لوزراء خارجية مجلس تعاون دول الخليج
العربي، واعتبرته بأنه نابع من ” انعدام الإدراك الصحيح للحقائق التاريخية
والظروف الراهنة” في المنطقة ووصفت المزاعم المتكررة بهذا الشأن بالواهية
و,أكدت أن حكم إيران لهذه الجزر «غير قابل للتفاوض وأن السيادة الإيرانية مؤكدة
وموثقة». يعتبر هذا التصريح من إدارة روحاني المعتدل أكثر تشديداً بالنسبة
لتصريح الناطق باسم وزارة خارجية إدارة أحمدي نجاد (المتشدد) الرئيس السابق، حيث
قال رامين مهمان باراست: “نحن ننفي الادعاءات الوهمية لوزراء خارجية مجلس
تعاون دول الخليج العربي خلال اجتماعهم الـ124، والتي لا تستند إلى أدلة ولا
أساس لها من الصحة، حول الجزر الإيرانية الثلاث”. حسب ما نقلته قناة سي إن
إن الدولية
.

لعبت وسائل الإعلام
المحلية الإيرانية، كما هو متوقع، دور المنصة لنشر الموقف الرسمي للمسؤولين
الإيرانيين تجاه الجزر وحتى وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية( منها
للمعارضة ومنها للموالاة) والتي تتخذ من بلدان أجنبية مقراً لها لم تعترض على
فكرة ما إذا كانت تلك الجزر الثلاث دائما للسيادة الإيرانية أم لا, ولم تتحدث عن
وجهة النظر الإمارات المتحدة العربية والتي تقول، إن إيران قامت باحتلال تلك
الجزر بالقوة عقب سحب بريطانيا لقواتها من الجزر الواقعة تحت وصايتها في الخليج
العربي، ولم تشر أيضا إلى حقيقة أنه قد تم وضع جزيرة أبو موسى، الجزيرة الوحيدة
المأهولة بالسكان في الجزر الثلاث، تحت الإدارة المشتركة في اتفاق مع إمارة
الشارقة، وهي إحدى الإمارات المكونة لدولة الإمارات العربية المتحدة، في ذلك
الوقت
.

أدركت الحكومة
الإيرانية ضرورة وأهمية جس نبض “الحس الثوري” للشارع العربي الموالي
لإيران، حيث أطلقت ما لايقل عن 50 قناة فضائية إضافة إلى قناة
“العالم” الإيرانية الرسمية الناطقة باللغة العربية، تعمل على الشارع
العربي في الخليج العربي وتروج أيرنة الجزر الثلاثة وعلى العكس من ذلك، لم تسع
دول
 

الخليج العربي، للوصول
إلى الشعوب في إيران ,حيث تتكون التركيبة السكانية في جغرافية ايران من 6 اجزاء
وتنقسم على شقين، الشق الاول يتكون من الشعب “الفارسي” الذي يمثله
النظام ويتبع الحس الثوري للسياسة الرسمية في جغرافية إيران و أما في الشق الآخر
تقع الشعوب التي تخضع للاحتلال وتعتقد بأحقية مطالبة الإمارت المتحدة العربية
,وتأكد ملكيتها على الجزر الثلاثة ,وهي تتكون من الشعب العربي الاحوازي والشعب
الكردي والشعب التركي والشعب التركمني والشعب البلوشي ,وهذا ما جعل وسائل
الإعلام الفارسية تحاول بشتى الطرق حسم الخلاف مع جيرانها بتكثيف الإعلام. لكن
هذه نقطة دقيقة غابت في خضم هذا النزاع الدبلوماسي في سياسات دول الخليج العربي
وهي استغلال الصراعات الثنية وتعدد الشعوب في جغرافية إيران للضغط على الطرف
الآخر كما تستخدمها إيران في البحرين ولبنان واليمن
.

حس الثوري للنخبة
والمعارضة الايرانية

ينقسم الشارع الفارسي
أو مايسمى بالمواطنين من الدرجة الأولى إلى تيارين مختلفين. الاولى رأي العام
الداخلي (الموالاة) والاخر تيار المعارضة سواء كان في الداخل أو خارج البلاد.
استطاعت القيادات الإيرانية الوصول إلى قلوب وعقول هذين القسمين من الشارع
الإيراني فيما يخص بملكية الجزر الثلاثة عن طريق إثارة المشاعر القومية، لا سيما
من خلال الإشارة إلى الأمجاد الفارسية القديمة ,وتمكن النظام الحاكم على نحو
فعال في توحيد الصفوف الشارع الموالي في الداخل تجاه الجزر وتعضدها مواقف النخبة
من الأوساط العلمية والمعارضة في الداخل, ويسود هذا التعصب الأعمى حتى أولئك
المعارضون للنظام في الخارج لأن هذه المشاعر لديها القدرة على أثارة الغضب على
نحو يخدم النظام وسياساته. إذا اعتبرنا النخبة العلمية الإيرانية والمعارضة
المطلعة على حقيقة ملكية الإمارات بالجزر وجهاً أعمق للإعلام الإيراني فإن هناك
حالة من شبه إجماع على تبني النزعة التعصبية المتشددة المقرونة بالنظرة السلبية
للسياسة الإيرانية المتفرعنة تجاه ملكية الجزر الثلاثة، كما نجدها أيضاً نمطاً
ثابتاً في الإعلام الإيراني الرسمي يعكس عمق المشروع الفارسي القائم على احتلال
الأراضي العربية كالأحواز والجزر الإماراتية الثلاثة ولايمكن أن نتكلم عن تراجع
هذه النفسيات حول الأمور المتقاطعة مع العرب، حيث رتّب الإعلام للمواطن الإيراني
موقفا مضللا
.

استغل النظام الإيراني
الإعلام في قلب الحقائق وترك جهلاً مركباً و أثراً كبيراً في نفسية الشعب
الفارسي ,ومما ينتج عنه مضار كبرى، حيث أصبحت لغة الحوار والتفاهم فيما يخص
الجزر معدومة تماما وسادتها شوفانية عالية وسلطة شمولية مطلقة، مما أضعف هذا
التعصب الشارع الايراني من الموالاة والمعارضة وجعلهم في المصف الثاني أو الثالث
داخل المؤسسة الإعلامية والفكرية والمجتمعية، وبالتالي أصبح المواطن الفارسي
منهمكاً في محاولة إثبات حضوره سلباً في الدفاع عن النظام الحاكم وهوية الجزر
الثلاثة، سعياً وراء إسماع صوته، حيث تغييرت مطالبات المعارضة من إصلاح السياسي
والمجتمع المدني أو الحركة الثورية ضد النظام الحاكم إلى عمليات احتجاج وتبنى النزعة
التعصبية المتشددة بأيرنة الجزر الاماراتية وفرسنة الخليج وكراهية العرب
.

الاستنتاج
مسألة الجزر
الإماراتية لا تقبل بخصوصها إيران أي حوار سياسي على أي صعيد رسمي محلي أو
إقليمي أو دولي فهي ترى تلك الجزر أراضي إيرانية إلى الأبد وتعتبرها هدفا وطنيا
لها. عندئذ تطرح تساؤلات “كيف يمكن التوفيق بين الرغبة الإيرانية في تعزيز
التضامن مع الدول الجارة ، بينما إيران تحرف وثائق التاريخ، وتغلق أبواب الحوار
لحل ما تسميه “سوء الفهم” بتكرار طهران أن “الجزر الثلاث جزء
لايتجزأ من إيران” و لماذا يطلب رئيس البرلمان العربي أحمد محمد الجروان
إنهاء الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث من خلال اللجوء للحل السلمي
والجلوس إلى طاولة المفاوضات، بينما تؤكد القيادة الايرانية والشعب الفارسي
والمعارضة في الداخل وخارج البلاد ملكية الجزر لإيران ومتحدين في صف واحد رغم
اختلافهما
.

آن الأوان لأن يستخدم
مجلس التعاون الخليجي العربي الشعوب المحتلة في إيران ,ويمكن أن يشكلوا عونا
لمجلس تعاون الخليج العربي في خطة لملء الفراغ الإعلامي لمقابلة الفرس في احتلال
الجزر الثلاثة الإماراتية، عن طريق إنشاء قناة إخبارية تلفزيونية تدار مهنيا
بشكل جيد وتتصل بالشعوب داخل وخارج إيران
.

المصدر: موقع المثقف الجديد 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى