آراء ومقالات

جيش العدل البلوشي يقايض أسراه لدى طهران بالإفراج عن الرهائن

خَطَف تنظيم
“جيش العدل البلوشي” الأضواء منذ أسره ثلاثة عناصر من الحرس الثوري الإيراني، فقد
أمطر أكبر قاعدة عسكرية إيرانية على الحدود الباكستانية بالقذائف وزخّات الرصاص،
وتمكن من قتل 17 عسكريا إيرانيا، في المقابل انتقمت الدولة الإيرانيّة بإعدام 16
أسيرا بلوشيا لديها
.

توج تنظيم
“جيش العدل” عملياته النوعية ضد الدولة الإيرانية المحتلة لإقليم سيستان
وبلوشستان، بأسر خمسة جنود إيرانيين في فبراير الماضي، الأمر الذي أثار حفيظة
القادة الإيرانيين، إذ سيّر الحرس الثوري الآلاف من عناصره تجاه الإقليم بحثا عن
الأسرى، واستدعت الخارجية الإيرانية سفير باكستان لديها ثلاث مرات بعد اتهام عدد
من المسؤولين الإيرانيين الدولة الجارة، بأن عناصر
جيش العدل” قدموا من الأراضي
الباكستانية فنقلوا الأسرى إلى أراضيها
.

وفي محاولة
منها لاستعادة هيبتها المخدوشة، ذهبت الدولة الإيرانية عبر وسائل إعلامها الرسمية
إلى نشر التقارير والأشرطة الوثائقية المُفبركة في أغلبها وتتحدث عن عملية اختطاف
عبدالمالك ريغي، مؤسس “حركة جند الله”، بعد إجبار الطائرة القرقيزية التي كان
يستغلها ضمن رحلة من مطار دُبي إلى قرقيزيا
.

وقبل الإعلان
الرسمي عن الإفراج عن الأسرى، أطلق العقيد مسعود جزائري، مساعد شؤون قوّات الباسيج
والثقافة الدفاعية لأركان القوات المسلحة الإيرانية العامة، كذبة بإعلانه الإفراج
عَن الأسرى الإيرانيين بمشاركة مجموعة من الأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية
.

وينفي ذلك
قيام التنظيم بتنفيذ حكم الإعدام ضد أحَد الأسرى الخمس، ردا على رفض الدولة
الإيرانية في تلبية مطالب البلوش المتمثلة في إطلاق سراح 300 أسير بلوشي في السجون
الإيرانية 200 منهم من أعضاء المنظمة، إضافة إلى 50 أسيرة سورية في سجون “بشار
”.

زعيم تنظيم
جيش العدل السني عبد الرؤوف ريغي نفى وجود الرهائن الإيرانيين على الأراضي
الباكستانية أثناء اختطافهم

وفي خطوات
استفزازية صعّدت إيران من وتيرة الاعتقالات والمداهمات والإعدامات ضد البلوش،
تماما مثلما فعلت ضد الأحوازيين مؤخرا.وبهذا حطّ التنظيم
البلوشي” من
هيْبة إيران، إذ نَعَتَ أحمد خاتمي خطيب جمعة طهران، قضية الأسرى الإيرانيين لدى
البلوش وقتل أحدهم، بالجارحة حيث أصبحت إيران تعيش أزمة داخلية بسبب فشلها في
استرجاع كرامتها المسحوقة على يد المقاومة البلوشيّة، وارتفعت أصوات الناشطين
الإيرانيين في شبكات التواصل الاجتماعي ضد الحكومة، فاتهموها بالتراخي والقصور
وإعطاء المعلومات المتناقضة للشعب وإخفاء الحقيقة
.

وعوضا عن
الحلول، لجأت إيران إلى تلفيق الاتهامات إلى الحكومة الباكستانية، إذ نقل عن وزير
الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قوله، إن عملية خطف حراس الحدود الخمسة
الإيرانيين على يد “جيش العدل”، تأتي في إطار حراك منسّق له مع بعض دول المنطقة
.

ورغم نفي
المتحدث باسم الحكومة الباكستانية، تسنيم أسلم، وجود الأسرى الإيرانيين على
أراضيها، إلا أن علاء الدين بروجردي، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في
البرلمان الإيراني، حمّل إسلام آباد مسؤولية الحفاظ على أرواح الأسرى، لكن عبد
الرؤوف ريغي المتحدّث باسم التنظيم السني نفى وجود الأسرى على الأراضي
الباكستانيــة
.

وما يعقد
مهمة إيران في البحث عن أسراها لدى “البلوش” هو توزيع جغرافية بلوشستان على ثلاث
دول تتقاسم احتلالها هي باكستان وإيران وأفغانستان، إضافة إلى وعورة الأراضي
البلوشيّة المعروفة بجبالها وتضاريسها التي تسهّل على المقاومة البلوشيّة الاختباء
فيها، لذا لجأت إيران إلى شيوخ وعلماء السنة للوساطة بينها وبين جيش العدل،
وإكراما للعلماء وتأكيدا لنواياهم الحسنة، أفرج جيش العدل عن الأسرى الإيرانيين
الأربعة، معربا عن أمله في اتخاذ الدولة الإيرانية خطوة مماثلة بالإفراج عن أسرى
“البلوش” لديها
.

وبفضل
احتلالها لـ80 ألف كيلومتر مربع من إجمالي مساحة بلوشستان، فلإيران 1600 كيلومتر
خط حدودي مع باكستان، 300 منها تفتقر للمخافر والحواجز الحدودية كما لا يوجد بها
طريق أصلا، الأمر الذي يسهّل على “البلوش” التنقل من مكان إلى آخر وبالتالي نقل
الأسرى الإيرانيين
.

وفي السياق
نفسه، كلّفت إيران الحرس الثوري بالسيطرة على 300 كيلومتر مِن حدودها مع باكستان
غير الخاضعة للسيطرة، والمعروف أن الحرس الثوري يتعامل مع المقاومة الوطنية
البلوشية وكافة الشعوب غير الفارسية، ضمن جغرافية ما يسمى بإيران، بمنتهى الوحشية
والقسوة ولا يفهم لغة الحوار ويتبع سياسة القمع المسلّح في مجابهته لمطالبها
المشروعة بالحق في تقرير المصير
.

وفي المقابل،
توعّد جيش العدل بتنفيذ المزيد من العمليات المماثلة خدمة لمصالح الشعب البلوشي،
ممّا يعني أن بلوشستان مُقبلة على أحداث ساخنة خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن
الحرس الثوري الإيراني سوف لن يكف عن معاقبة الشعب البلوشي نظرا للإهانة والإذلال
الذي مُني به على يد المقاومة البلوشية
.

وهو ما يعني
أن الأزمة مقبلة على المزيد من التداعيات، وأن سياسة القتل والإبادة والتنكيل
المتبعة من قبل الدولة الإيرانية ضد “البلوش
والأحوازيين والأكراد والأذربيجانيين،
وتمسك إيران باحتلالها الدول والأقاليم الخاضعة للشعوب الأخرى غير الفارسية، إنما
تُبرّر تنامي مقاومة هذه الشعوب بمختلف أوجهها بما في ذلك المقاومة المسلحة بُغية
التحرير والتخلص من مظالم الدولة الفارسية
.

أما
بلوشستان، فتظل مستعصية على إيران نظرا لوعورة جغرافيتها وطبيعة شعبها الذي ورث
قوّته وصلابته من قسوة الطبيعة وتكالب القوى الأجنبيّة على أراضيه منذ القدم،
الشيء الذي أجبره على الدوام أن يقاوم الغزاة بشراسة ذودا عن الوطن
.

كما يعرف
الشعب البلوشي بتمسّكه الشديد بهويّته البلوشيّة الإسلامية وعدم خضوعه لسياسات
الاحتلال الإيراني الرامي إلى محو هويته وصهره ضمن القومية الفارسية والطائفية
المذهبية الصفوية
.

يذكر أن أزمة
الأسرى الإيرانيين الخمسة لدى المقاومة البلوشية، أثبتت أن التنظيم فرض نفسه
بالقوة على المعادلات الإقليمية وحتى الدولية، فأجبر الدولة الإيرانية المتعنتة
على الاعتراف به والتفاوض معه، وبيّنت الأزمة أن بلوشستان تعد رقما صعبا يستحيل
تخطّيها بسهولة من قبل محتليها، وأن عملية ليّ الذراع بينها وبين الاحتلال
الإيراني على وجه الخصوص، قد تنتهي بالمزيد من انحطاط هيبة الدولة الإيرانية
وإجبارها على الاعتراف بمقاومة الشعوب الرازحة تحت احتلالها، تماما مثلما اعترفت
من قبل بحركة النضال العربي لتحرير الأحواز، وجناحها العسكري المتمثّل بكتائب
الشهيــد محيي الــدين آل ناصر
.

نقلا عن العرب الان

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى