آراء ومقالات

اطماع ايران وأوهامها باسقاط الخليج

 يعيش الإيرانيون حالة من النشوة السياسية بسبب ما يحدث في المنطقة وتحديدا في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، وتسابق المحللون الإيرانيون في وصف الموقف الجديد بأنه انتصار لايران في المنطقة ويقربهم من السيطرة على البحر الأحمر، بل تتمادى التحليلات وأحلامهم بأن اليمن الجديد – سيتحكم في المملكة العربية السعودية وسيكون سيدها في الحقبة المقبلة في القريب العاجل.

لا نقول هذا من قبيل المفارقة او التخمين، وإنما من يتابع تحليلات السياسيين الإيرانيين في الفضائيات المختلفة يخرج بالنتيجة التي ذكرناها توا، فثمة من قال – ونحن نلتزم تفصيلا بما جاء على لسانه – إننا نحن الإيرانيين أصحاب عقيدة واضحة وضوح الشمس، فالسيد الخميني قال نحن نسعى الى تدشين وحدة سياسية وليست وحدة دينية، ونحن الشيعة لدينا طموح كبير وليس له حدود، فنحن نسعى الى التمدد على كل الآفاق.

ويواصل هذا السياسي الإيراني في مشهد ننقله عن موقع – اليوتيوب – قوله:" إن بلاده لديها اليوم العراق وهناك مواقع أخرى عديدة نسعى لتكون لدينا وضمن أملاكنا، ونحن لا نعرف الملل أو الكلل، ونحن سيطرنا على اليمن اليوم وموعدنا مع الخليج غدا لاننا نحكم الطوق على المنطقة".

لقد كشف هذا المحلل السياسي الإيراني بصدق ما تفكر فيه بلاده لفرض هيمنتها على دول المنطقة وكذلك وسائلها في ذلك، فهو كشف أن طهران لا يهمها السيطرة على اندونيسيا والمغرب والجزائر او اي دولة في أفريقيا لانه ليس في صميم المخطط السياسي الإيراني.. والغريب أن هذا الرجل يدعي في مداخلة له في أحد البرامج السياسية، إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال إن رأس الأمة هي الشام والعراق وإيران والجزيرة واليمن، ولذلك تسعى بلاده للهيمنة على كل هذه المنطقة وهي تمثل حدود الطموح الإيراني.. ولم يسأل مذيع البرنامج من يدلي بدلوه في المداخلة التلفزيونية من أين جاء بمثل هذه الخرافات على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام، فلم يكن وقتها دولة اسمها إيران أو العراق كي يذكرهم على أنهم من ضمن رأس الأمة كما يدعي هذا المحلل الكاذب.

ثم يواصل هذا الرجل حملة تزييف الواقع والتاريخ ليدعي أن أمته أمة عظيمة، وأنها ستواصل مسعاها للسيطرة على نجد والحجاز والكويت والبحرين، وإن الحوثيين أحفاد الحسين بن علي عندما يسيطرون على اليمن فانهم يفتحون الباب بذلك أمام التمدد شمالا نحو المملكة العربية السعودية، وهذا نابع عن العقيدة الصلدة التي تستهدف رئاسة الأمة الإسلامية بأكملها بقيادة المرجعية في قم والنجف.

كلام هذا الرجل الكاذب لم ينته بعد، ونحن نلتزم بنقله شبه حرفيا لتوصيل المعنى والمضمون للقارئ الكريم ليعرف كيف يفكر هؤلاء في التمهيد للسيطرة على منطقة الخليج، وكيف كان دعمهم للحوثيين في اليمن بعد أن إدعوا كثيرا إنهم لم يساندوا هذه الجماعة ونفوا مرارا الاتهامات اليمنية بتمويل وتسليح وتدريب الحوثيين، ولكن عندما نجح هؤلاء في احتلال العاصمة اليمنية صنعاء تراجع الإيرانيون عن نفيهم السابق ليؤكدوا اليوم كيف كان لهم اليد الطولى في امداد الحوثيين بكل أنواع الدعم المالي والعسكري واللوجستي.

كلام السياسي الإيراني لم ينته بعد، حيث اختتم حديثه في البرنامج بقوله:" سنرأس الأمة الإسلامية والذي يعجبه يعجبه ومن الذي لا يعجبه لا يعجبه، فبغداد لنا اليوم وغدا نجد". وننتقل الى تحليل آخر صاحبه هو الكاتب الإيراني محمد صادق الحسيني، والذي كان أحد كتاب الرأي في صحيفة الشرق الأوسط السعودية ومراسلها في طهران في يوم من الأيام، والذي ظهر في أحد البرامج الإخبارية ليتحدث عن جملة من الأكاذيب والإفتراءات العديدة بحق العرب والخليج، ليكرر ما قاله سلفه ولكن بأسلوب أكثر وقاحة وصفاقة من سابقه، ليدعي أن عبدالملك الحوثي هو سيد اليمن الآن وغدا سيكون سيد المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية، ثم يدعي أن المعادلة السياسية انقلبت ليصبح اليمني هو عزيز المنطقة والسعودي هو فقيرها، ليس بالمال وإنما بالعرف السياسي وبحكم الجغرافيا والتاريخ. ويصف الحسيني ما يدور في منطقة الخليج حاليا بأنه حرب عالمية ثالثة، بين طرفين، الأول يضم الجيش العربي السوري وحزب الله والجيش الإيراني وهؤلاء منعوا سقوط الشام، أما الطرف الثاني في الحرب فهم أهل الخليج والولايات المتحدة الأمريكية التي تجرع رئيسها باراك أوباما كأس السم ثلاث مرات حتى الآن على يد المجموعة الأولى ، وكان يقصد بذلك بوابة غزة والشام وتخوم بغداد، ثم يعود ليتذكر الكاتب الإيراني ما حدث في صنعاء ليصفها بأنها كأس المرارة الرابعة لأوباما، وبصلف وغرور شديدين يتحدث للمذيعة مقتبسا كلمات من أغنية أم كلثوم فات الميعاد " فات الميعاد وبقينا بعاد".

لغة الصلف والغرور لم تنته بعد، ليختتم هذا الكاتب كلامه بزعمه أن إيران ومعها محور المقاومة أصبحوا سلاطين البحر المتوسط الجدد، وسلاطين الخليج الجدد، وإنهم فخورون بمحور المقاومة الذي يضم طهران ودمشق وبغداد وصنعاء ومنطقة الضاحية في بيروت ، ثم يعود ليتذكر او يضيف للمذيعة التي تستضيفه ويبدو من أسئلتها أنها توافقه على ما يدعيه، أن هذا المحور قد أصبح سلاطين البحر الأحمر أيضا.

المقاطع التي تتحدث عن الأطماع الإيرانية في الخليج وكل المنطقة تملأ عالم الانترنت، ولكننا اجتهدنا في نقل فحوى ما ذكرناه لنوضح مدى حقد هذه الأمة الفارسية علينا نحن شعوب منطقة الخليج، ورغم أن المولى عز وجل حبى كل دول المنطقة بخيراته ونعمه، إلا أن حكامنا اجتهدوا في قيادة هذه الأمة وأقاموا دولا قوية حكومة وشعبا واستغلوا كافة خيرات الأرض لتكون مبعث قوة وسعادة وعدل للجميع، في حين أن فقهاء إيران أنفقوا عوائد تلك الخيرات على تمويل الميليشيات في الدول الأخرى واستخدموها وحرضوها ضد حكامها وشعوبها، لا لشيئ سوى للسيطرة على منطقة الخليج والشام كما ذكر المحللان السياسيان اللذان أشرنا الى حديثهما.

علي الإيرانيين ألا يسارعوا في الشعور بالنشوة، ولعل القدر يخبئ لهم الكثير، فما يدعونه بعزة اليمن وهو قابع تحت سيطرة الحوثيين قد ينقلب بين ليلة وضحاها عندما تنشط جماعات تنظيم القاعدة هناك، ومن ثم فسوف يشهد هذا البلد حربا أهلية ستأكل الأخضر واليابس، وعندئذ لن يكون هناك أرض يعيش فوقها لا حوثيون أو غير حوثيين، وأنما الخراب والدمار سيكونا شاهدا وحيدا على نتيجة أطماع إيران في المنطقة والسيطرة على البحرين الأحمر والمتوسط وما بينهما من دول وشعوب.

احمد المرشد

المصدر:صحيفة الأيام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى