إيران تعبث بأمن المنطقة
الدور الإيراني في جميع ملفات المنطقة لا يعكس نزاهة أو موضوعية صادقة في حل التشابكات والتعقيدات، وإنما يقدم صورة واضحة لا تقبل التشويش على عبث باستقرار الدول التي تشهد اضطرابات، وليتنا نستطيع أن نصل إلى استخلاصات تناسب أهمية أن تكون إيران جزءا مفيدا ومهما من الحلول الأمنية المحتملة لتعقيدات الواقع بالمنطقة سواء في العراق أو سوريا أو اليمن أو لبنان أو البحرين، ولكننا لا نصل إلا إلى نتائج غاية في السوء في التعاطي مع أي أفكار يفترض أن تنتهي بالحل.
وزارة الخارجية الأمريكية أعربت مؤخرا عن قلقها من تعاون إيران مع قوات الأمن العراقية خصوصا في تدريب المليشيات الشيعية حسب وصفها، وذهبت المتحدثة باسم الخارجية جين ساكي إلى التصريح بأن الإدارة الأمريكية "تعلم أن إيران أرسلت عددا من عملائها إلى العراق وهم يدربون أطرافا في القوات العراقية ويقدمون المشورة لها"، ولكن مصدر القلق الأعمق هو نشاطهم مع المليشيات الشيعية.
ولعل آخر ما يمكن أن يسوء في تعقيد الأزمات أن تشعل إيران حريقا طائفيا في مجتمعات المنطقة من أجل تحقيق مصالحها، وذلك أمر لن ينتهي إلى خير للجميع، كما أنه ليس سلوكا سياسيا أو دينيا حكيما، فمناصرة طرف أو طائفة على حساب أخرى يولد شحنا وغبنا نفسيا عميقا لا يسمح بأي معالجات جذرية لأنه يؤسس لتمايز حاد في الصفوف الاجتماعية ودخول الجميع في متاهات الاحتراب والاقتتال والثارات.
وليس سرا أن إيران تلعب ألعابا خطرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن من خلال القوى المذهبية التي تتخذها مرجعية لها وتحصل على دعمها المادي والمعنوي، في وقت مطلوب تحييد إيران أصلا عن الأجندة الوطنية التي تقحم فيها نفسها بصورة سلبية تؤثر على البناء الوطني في هذه الدول، وربما لا تحسن المخاطرة باختراق مكوناتها الوطنية حيث توجد أقليات سنية وكردية واتجاهات ليبرالية وعلمانية غير متصالحة مع السلطة فيها، ولو أنها نشطت بحيث تؤثر في استقرارها ربما انهارت الدولة الإيرانية، ولذلك من الضروري والحكمة أن توازن السلطة الإيرانية بما تفعله في غيرها وما يمكن أن يحدث بداخلها من حرائق تشعلها ولن تسلم منها، ليصبح المسرح كله عبثيا وفوضويا لن يحقق لها أهدافها أو مصالحها.
صلاح الدباس
المصدر :بوابة الشرق