آراء ومقالات

الأحواز العربية.. الحاضرة الغائبة!

 بعدما قامت وسائل الاتصال الاجتماعية بتقريب المسافات وتقليص المساحات وتجسير الهوة بين مجتمعات الكرة الأرضية ورميهم في قرية افتراضية صغيرة لا تعدو مساحتها الكيلو مترات؛ أصبح لزامًا على تلك المجتمعات أن تحيط بما لم يحط، وأن تعرف قضايها حق المعرفة، بعيدًا عن دينامكية وسائل الإعلام التقليدي في فرز القضايا وترتيبها حسب الأولوية. هنا، تخرج لنا على السطح قضية الأحواز العربية، والتي تنامى باتجاهها اهتمام الجماهير العربية في السنوات الأخيرة بفضل الثورة المعلوماتية وجهد نشطائها على ساحة الإعلام الجديد.

الأحواز العربية المحتلة عام ١٩٢٥م، تلك الأرض العربية التي تبلغ مساحتها ٣٥٠ ألف كيلومتر مربع، وتشكل عصب الاقتصاد لدولة الاحتلال الفارسية، ٩٠ ٪ من صادرات إيران النفطية تخرج من أرض الأحواز، أي ما يعادل ١٠ ٪ من إنتاج النفط العالمي، كما أنها تحتوي على ٨٦ ٪ من الغاز الطبيعي الذي يغذي المدن الإيرانية، فهي تشكل ٨٩ ٪ من مجموع الاقتصاد الإيراني ككل! في المقابل، نرى شعبها الأبي الصامد ينكل به شر تنكيل؛ حيث تمارس على أبنائه همجية الإعدامات الميدانية وصنوف التعذيب الوحشية في السجون الفارسية دون أدنى شجب أو تنديد من قادة ومسؤولي الدول العربية، ناهيك عن وسائل الإعلام العربية التي لم تتوصل إلى الآن لاستراتيجية دفاع إعلامية، تسعى لتوجيه الأنظار حول القضية المنتهكة وخلق رأي عام عالمي يأخذ بيد تلك الانتهاكات على محمل الجد.

القنوات الإخبارية العربية تنصلت من مسؤوليتها الأخلاقية عند تعاطيها للأخبار السياسية تجاه القضايا الشائكة لشعوب المنطقة العربية؛ حيث تشابه طرحها واختلف ترتيبها لسرد القضايا والأحداث، فإن قمنا باستعراض سريع لتلك الأحداث والقضايا فهي كالتالي:

1- التحالف الدولي ضد داعش.

2- الملف اليمني و قضية الانقلاب الحوثي.

3- الميليشيات المسلحة في ليبيا.

4- البراميل المتفجرة في سوريا والجماعات المتطرفة.

5- النزاع الطائفي في العراق.

فالمشاهد العربي لم يتعرض بتاتًا لملف الأحواز العربية سوى في البرامج الحوارية المتخصصة والتقارير الوثائقية، كما أن طرحها للقضية متواضع،  وارتجالي في أحايين كثيرة؛ إذ نحن مطالبون باستراتيجية إعلامية شاملة.

في إيران تحديدًا، هناك العشرات من المراكز البحثية المتخصصة في الشأن العربي وعلى جميع الأصعدة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية، كما أن هناك مواقع إلكترونية مختصة بترجمة وتحليل مضمون الصحف العربية، بينما أنا شخصيًا لا أعرف إلا مركزًا عربيًا وحيدًا للدراسات الإيرانية، ولا وجود لأي مركز خليجي متخصص في الشأن الإيراني، والفاصل بينهما عشرات الكيلومترات. في المقابل، يوجد في أمريكا أكثر من 100 مركز بحثي للشؤون الإيرانية، بحسب محمد السلمي المختص في الشأن الإيراني، كما أن الجامعات العريقة في أوروبا لا تخلو من المعاهد والمراكز البحثية الدارسة للشأن الإيراني.

ما يجب علينا القيام به هو استراتيجية إعلامية يتم من خلالها التنسيق بين وسائل الإعلام العربية، المقروء منها والمسموع والمرئي، حيث تخصص مساحة محددة في مضامينهم الإخبارية لملف الأحواز العربية لوضع انتهاكات هذا البلد في إطار قانوني وإنساني يسهم ويبادر في كشف الممارسات البربرية للفرس ضد هؤلاء العرب العزل وما قد تثمر عنه هذه الاستراتيجية من تدخل سياسي دولي لوقف تلك الممارسات.

هشام المفيرج

المصدر: التقرير

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى