الأخبار

كلمة راشد الفايد في مؤتمر لاهاي التضامني مع الشعب العربي الأحوازي

جرت العادة الشعبية وتعليقا على معرفة عمر شخص ما ان يقال له، اطال الله بعمرك. اما الثورات وحركات التحرير والاستقلال فنقول لها بالنصر القريب.

فما نريده لاخواننا اهل الاحواز هو النصر لقضيتهم، لحريتهم واستقلالهم، وحكم انفسهم بأنفسهم، فقد طال زمن الظلم، وامتد عمر الطغيان، وآن لاول أرض عربية سلبت ان تستعيد هويتها، وان يستعيد الخليج العربي صفته المسلوبة.

كيف لا، وقد جاءت “عاصفة الحزم” لتقول ان زمن التغاضي والانكفاء ولي   وان الرهان على احترام الآخرين كيانات الدول، وسيادتها على اراضيها، واستقلال شعوبها، لم يعد يجدي ان لم تكن له انياب، وان الصمت على العدوان ليس حكمة مع من يتعطش الى الهيمنة، ويتشدق بفلسطين ليمرر تحت رايتها اطماعه، وينادي بالاسلام ليعلي قوميته، ويعلن سيطرته، بتحريك الاحقاد الدينية، وتحويل جماعات عربية الى جاليات فارسية في بلدانها، تأتمر بأوامره، وتلبي اطماعه.

لقد سقطت الاحواز عام 1925 ضحية تواطؤ ومصالح متبادلة بين بريطانيا القوة المسيطرة في الخليج، والوجلة من النفوذ المتزايد  للدولة الكعبية، ورفعها راية الوحدة العربية، وبين طهران الفارسية الطامعة بالأرض العربية.

 ليس صحيحا ان الأحوازيين خضعوا للهيمنة الفارسية، فهم تصدوا لها باستمرار، ومنذ ايامها الاولى برغم عدم تكافوء القوى.

 واذا كانت فترات اللاحرب طالت احيانا، فان ذلك لم يكن موتا لارادة شعب عربستان في الاستقلال والحرية، بل كانت مراحل تحفز لثورات جديدة، طاردتها مخابرات الشاه في السابق، كما مخابرات نظام الملالي بعده.

هذا النظام الذي غدر بالقوى الشعبية والسياسية التي تحالفت مع فائده السابق، للاطاحة بالعرش البهلوي، فانقلب عليها وصفى بعضها، وطرد بعضها الآخر الى منافي اللجوء السياسي، لم يوفر اهل الأحواز الذين شاركوا في معركة الحرية عام 1979 وخاضوا ثورة المحمرة ليعجلوا بالنصر.

 وكان رد الجميل لأهل عربستان من جانب النظام الايراني الجديد بقيادة الخميني مداهمات واعتقالات وتصفيات دموية راح ضحيتها اكثر من 500 شهيد.

لسنا هنا لنستعيد الماضي، بل لنستلهمه من أجل المستقبل والطموح الوطني.

تشهد المنطقة اليوم، يقظة عربية مستجدة، اسمها “عاصفة الحزم”، هي عنوان مرحلة جديدة في التاريخ العربي. وما يشهده اليمن ليس نصرة من السعودية والتحالف لنظام عبد ربه منصور هادي على الحوثيين، وليس ردا سنيا على شيعية هؤلاء. إنه فعلا حرب عربية على توسع فارسي، يمتد من بغداد إلى صنعاء، لا يمارى، ولم تبذل طهران جهدا لتوريته، بل أشهرته، وفاخر به مسؤولوها.

فلم تكن مصادفة أن تتزامن “زلات” قادة ايرانيين عن امتداد هيمنة 4 عواصم عربية، مع تفاؤل المفاوضين “النوويين” الإيرانيين والأميركيين باقتراب ولادة الإتفاق- الإطار. فطهران، وقد إطمأنت إلى الإقرار الدولي بحقوقها النووية، أرادت إشهار دورها الإقليمي الذي غذته منذ الثمانينات، ومن لبنان، تحديدا، يوم عطلت الحل الدولي للأزمة اللبنانية بتفجير مقري “المارينز” الأميركيين، وقوة “دراكار” الفرنسية، لإخراج القوات متعددة الجنسيات التي جاءت لبنان بعد الاجتياح الاسرائيلي ومجزرة صبرا وشاتيلا، تحديدا. لم تكذب طهران حين زعمت أن المفاوضات في لوزان السويسرية لم تتناول الملف الإقليمي، فهي عمدت، في شأنه، إلى اتباع النهج نفسه الذي اعتمدته في “النووي”: التفاوض انطلاقا من “رصيد” تملكه، لا من أمنيات تسعى إلى تحقيقها.

كذلك لم تخف طهران طموحاتها الإقليمية، ومن لم يفهم أهداف رعايتها لـ”حزب الله في لبنان، وتسهيلها الاحتلال الأميركي للعراق، وقبله مساهمتها الإستخبارية في الاحتلال الأميركي لأفغانستان، وصولا إلى الحوثيين في اليمن، فذلك لقصور ذاتي لديه، وأمية سياسية، لا تعفيه، قوميا، من مسؤولية تاريخية لن تمحى، خصوصا أن العلاجات الموضعية ليست الحل. فهزيمة الحوثيين تردع “النهم” الإيراني، لكنها لا توقفه، في العراق وسوريا، ولبنان. ّ كانت طهران” مرنت “القوى الكبرى على مطامعها الإقليمية نهاية”العام 2009 ّ يوم تقدمت بما سمتها” رزمة “مقترحات، لم تكن سوى ، قضايا وملفات إقليمية تعتبر نفسها شريكا قادرا على حلها. فهي في نظر أهل نظامها ليست دولة عادية في الإقليم، لها مصالحها المتقاطعة مع مصالح جيرانها، بل هي دولة كبرى أو قوة عظمى كسائر الدول الكبرى.

برغم الإشارات المتمادية إلى تغلغل المشروع الفارسي، تعاملت الدول العربية (لا سيما من فرضتها الجغرافيا والإقتصاد والقدرة النفطية، في موقع الريادة والقيادة)، بأخلاقية “النبلاء”، وبراءة السذج، لا باستراتيجات الدول ومصالحها، لاسيما القومية. لقد ، اعتمدت طهران سياسة زعزعة الجوار الإقليمي، متلطية بشعار تحرير فلسطين، وراية الإسلام “الموحد”، فيما غذت المذهبية الدينية، بعدما صار للأصولية دولة مع نظام الملالي. وما تجربة “حزب الله” في لبنان إلا مصغر للتجربة الإيرانية، بدءا بـ”إازلة” الحلفاء، وتهميشهم، ثم التفرد بالقرار، وبعد “ضبط” الداخل، يأتي دور التخريب في الإقليم.

تصرفت ايران كقوة إنقلابية مزعزعة في المنطقة، فيما خلد جيرانها إلى حرصهم على الاستقرار والسلم الإقليميين، وتعاموا عن “رسائلها”، حتى انفجر أخطرها عند…”باب المندب”.

هناك يكتب اليوم المصير العربي، بموقف عربي واحد عنوانه القرار العربي. ومهما حاول أعداء الأمة العربية أن يصبغوا هذه المواجهة باللون المذهبي، فإن أحدا لن يتعامى عن كونها حرب هيمنة  وا ن مواجهتها لا تكون إلا بنبض ، فارسية على الأرض العربية عربي واحد وموحد.

لم تبدأ محاولات الهيمنة مع الحوثيين في اليمن، بل هي بدأت منذ الثمانينات يوم صفت ثورة الملالي الثوار الحقيقيين كحزب تودة ومجاهدي خلق والثوار الأحوازيين الذين نكثت بتحالفها معهم، كما بتحالفاتها مع القوميات الأخرى. منذ ذلك الوقت، تظلل حكم الملالي بفلسطين والاسلام ليحيي أطماعا فارسية تخطاها الزمن والتاريخ. إن عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية اليوم هي فرصة كبرى للقضية الأحوازية كي توسع دربها إلى كل بيت عربي، وكل إنسان يؤمن بحقوق الشعوب، لتستنفر الغيورين على الحق في الإستقلال لكل الشعوب أن يتضامنوا معها، ويصبح الهدف البعيد حقيقة ساطعة ومحققة.

راشد الفايد

2015/04/19

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى