آراء ومقالات

استفتاء ميداني يعكس رفضا كبيرا للنظام الإيراني

ناصر عزيز

ثمة اختلافات بين المتخصصين والمهتمين في الشأن الإيراني حول ما يجري في هذه الجغرافيا السياسية وتحديدا حول الجهة الأكثر تأثيرا على الشارع في تحريكه ضد النظام الإيراني وهنا سنطرح عليكم بعضا من هذه الحقائق والاستفتاءات الميدانية التي تثبت مكانة هذا النظام ودور الحراك والجهات المؤثرة على هذا الشارع.

دراسة أجراها مركز دراسات “گمان” وتبينت نتيجة هذا الاستفتاء أن ٧٠٪ من اجمالي الشعوب في هذه الجغرافيا يرفضون النظام الإيراني بشكل قاطع، كما أن ٣.٦٪ من المشاركين صوتوا لصالح هذا النظام. علما أن هذا الاستفتاء شمل شريحة واسعة من المجتمع وسلط الضوء على الأشخاص الذين شاركوا في انتخابات الرئاسة الأخيرة وهم البالغين من العمر ١٨ عاما حيث كان أغلبهم من خريجي الجامعات أو طلبة الجامعات.

أمام هذه الدراسة ومقارنة بين الأحداث الأخيرة منذ بداية عام ٢٠١٨ مع احتجاجات للمعلمين والعمال واحتجاجات أخرى سنجد أن غالبية الاحتجاجات انطلقت شرارتها من اقاليم وأراضي الشعوب غير الفارسية (المحتلة). وبالنظر إلى الظروف الاقتصادية الخانقة آخذين بعين الاعتبار أن الشرارة الأولى للاحتجاجات كانت في الأحواز وازدادت وتيرتها بعد ذلك، ثم عمت سائر أراضي الشعوب غير الفارسية وشملت المحافظات الفارسية ايضا، كما أن مسؤولي النظام الايراني صرحوا مرارا وتكرارا أن وتيرة الاحتجاجات لم تتوقف منذ نهايات عام ٢٠١٧ في غالبية المدن وسيما في الأحواز. وركزت هذه الاحتجاجات في مطالبها بصورة مباشرة على تغيير سياسات هذا النظام الأمر الذي أثار حفيظة النظام الإيراني ودفعه إلى زج الالاف من المحتجين في السجون.

بتبع ذلك، تحدث رأس النظام المرشد خامنئي عن هذه الاحتجاجات متهم إياهم بزعزعة النظام تحت ادعاء أن هؤلاء يسعون بصورة غير مباشرة إلى اسقاط الحكم، كما دعي ان المحتجين لهم ارتباطات بجهات خارجية غاضا بصره عن أن هؤلاء المواطنون والعمال يطالبون بمستحقاتهم المالية التي تصرف بها قادة هذا النظام لصالح أنفسهم وعلى رأس المستفيدين من سرقة اموال الضعفاء من العمال وغيرهم هو مجتبى خامنئي الأبن الاكبر لمرشد النظام. ويبدو ما يحصل حاليا في إيران يعتبر امرا يشبه احتجاجات عمال شركة النفط إبان الحكم البهلوي حين انطلقت أولى هذه الاعتراضات الجماهيرية في الشعوب غير الفارسية وهي التي ساهمت بشكل مباشر في اندلاع الثورة ضد النظام السابق.

في هذا العام تحديدا شهدت أراضي الشعوب غير الفارسية في جغرافيا إيران انتفاضات وتحركات ملحوظة على كافة الساحات وبتبع ذلك برزت مطالبات ملحوظة. وعلى سبيل المثال في إحدى انتفاضات الأحواز الذي أطلق عليها النشطاء عنوان “انتفاضة الكرامة” والتي انطلقت في مارس ٢٠١٨ كانت مطالبها واضحة ومباشرة بطرد المحتل من الأراضي الأحوازية كما انها جابت غالبية الشوارع والمدن الأحوازية من رجال ونساء واطفال وكبار في السن. الجدير بالذكر، على أثر تلك الانتفاضة تحدث فريق التواصل التابع للوزارة الخارجية الامريكية عن متابعته ما يجري في الأحواز وذلك بإشارته للأسماء الأصلية لهذه الأراضي المحتلة والتي تم تغييرها منذ حكم البهلويين. واعتقد ان حضور الشعوب غير الفارسية في الاحتجاجات المستمرة ضد النظام الحالي يلزم الولايات المتحدة بالاعتماد على حراك هذه الشعوب وتحركاتهم حيث أنهم يشكلون العدد الأكبر والجزء الأساسي في الاطاحة بهذا النظام.

بالاضافة الى ذلك، شهد الأحواز انتفاضة أخرى خلال ثلاثة شهور بعد انتفاضة الكرامة والذي أطلق عليها النشطاء عنوان “انتفاضة العطش” وكانت قد حصلت هذه الحركة الجماهيرية في مدينة المحمرة وعبادان من أهم مدن الأحواز. وتوسع هذا الحراك الجماهيري بصورة عامة في كافة المدن الأحوازية حتى أصبح اليوم هذا الحراك في حالة تصدٍّ مباشرة لكل مخططات النظام الفارسي على الأرض الأحواز. كما أيضا هذه التحركات ازدادت وتيرتها في بلوشستان، كردستان، أذربايجان ويبدو بدأت أولى تحركاتها في اقليم كاسبين (إقليم يقع شمال إيران ويشمل المحافظات المحاذية لبحر كاسبين).

بالرجوع الى موضوع الاستفتاء، هذا يدل على أن غالبية المشاركين في الاستفتاء المذكور هم من الشعوب المحتلة في هذه الجغرافيا وهم من يرفضون هذا النظام وأيضا كانوا قد رفضوا سابقا النظام البهلوي مما أدى إلى إسقاطه وهذا يؤكد أن رفض الشعوب هو الذي يضع حجر الأساس لإسقاط النظام الحالي. بالعودة إلى الثورة ضد النظام البهلوي السابق سنجد أن الشعوب هي من ساهمت بشكل أساسي في إسقاط النظام وبينما امتطى الخميني ومن تحالف معه (المؤيدين لمركزية السلطة) في تلك الحقبة الزمنية الوضع وضربوا على أوتار مطالب الشعوب المحتلة ووعدوهم بإعطائهم الحقوق ومن ثم نكسوا العهد.

وأخيرا، في تلك الحقبة ربما استطاع فيها الخميني واتباعه أن يؤثر على الشعوب بوعود كاذبة حين وعدها بإحقاق الحقوق باعتبار ان كل من يساهم بإسقاط النظام يأخذ حقه وذلك ما دفع الجميع للسعي وراء إسقاط ذلك النظام. وعلى نفس المنهج يسعى اليوم البعض من المروجين للسلطة المركزية العزف على نفس الوتر من خلال الوعود الكاذبة وغالبا ما سيجد المتابع هذه الحالة من الوعود في صفوف مجاهدي خلق والملكيين (المروجين للسلطة المركزية) لكن كما يقال “المؤمن أو العاقل لا يلدغ من الجحر مرتين” والشعوب تعرف تماما أن هؤلاء سيسيرون على نمط وسياسة النظام الحالي ومن قبله ولا تختلف الاعيبهم واساليبهم تجاه الشعوب المحتلة وأيضا تجاه مشاريعهم التوسعية في المنطقة.

 

المصدر : مركز دراسات دورانتاش

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى