آراء ومقالات

العراق لبنان والأحواز

الإنقسام الذي حدث في الساحة الأحوازية حين حضر الوفد الأحوازي مؤتمر نيويورك برئاسة حركة النضال العربي لتحرير الأحواز كان مؤشرا خطيرا على عمق الأزمة في الإنتماء الوطني ، رغم يقين من حاول أن يشوه الحقيقة أن ما من أحدِ ممن حضروا المؤتمر ممكن أن يتنازل عن شبر واحد من الأرض الاحوازية حتى ولو قُطّع أربا .

مصدر هذه الظاهرة هو الصراع الحزبي الذي بدى خلال عدة سنوات مضت أن رؤيته الحزبية أو التنظيمية غارقة في الوهم وتقوم بتصدير هذا الوهم لتحوله إلى ظاهرة سياسية تنهش في الجسد الاحوازي .

طالما كنت اتحدث عن العجز الفكري في الساحة الاحوازية ومنذ سنوات طويلة نسبيا وليس لأني أمتلك الحقيقة المطلقة بقدر ما الهمتني تجارب الشعوب الناجحة والتي أستطاعت أن تحقق أهدافها ولو مرحليا، ولم يكن ذلك النجاح نتيجة عمل عسكري إنما نجاح عمل فكري يختار وسائله بدقة .

لن أكون ظالما ولا جاحدا حين أقول أن سبب تأخر أو تعثّر قضيتنا الوطنية هي ذات الوسائل التي تدعيّ أنها تعمل لأجل القضية الوطنية، فلا زالت تأنّ وليس فقط ترنّ في أذني تلك الجملة التي قالها لي أحد الاخوة (القياديين) في أحدى التنظيمات الأحوازية أثناء تأسيس منظمة حزم ، حين قال ( وهل أذا توحدنا فإن الدول العربية سوف تدعمنا وهل سوف يعترفون بنا في جامعة الدول العربية ؟ ) وأكيد هذا الكلام يدّل على مستوى الفكر الاحوازي في مشروع عظيم كمشروع الوحدة الوطنية ، وأحوازي أخر قال لي ( قيادي …. نحن نريد أن نشارك في الثورة ونشارك في الحكم ) وهذا كلام أخطر من الذي قبله، بإعتبار أن كلا الجملتين هنّ مثل الكوابح التي تعرقل مسيرة الثورة ، ولا يمكن أن يتحقق وطن بمثل هذه الطموحات الفردية والحزبية الضيقة .

أعتقد ان التنظيمات ساهمت بشكل كبير في القضاء على مفهوم الوطن والوطنية ، فهنّ أشبه بتلك المفاهيم السائدة في العراق ولبنان ، وانا اتحدث على مستوى ممن يتصدرون المشهد وليس على مستوى المواطن .

فالطائفية والقبيلية والمناطقية هنّ تعبير على تقديم مصالح فئوية على المصلحة العامة، بل هنّ أيضا تصريح بموقف عدائي تجاه الآخر. وعدم وجود مصلحة عامة في قضية كقضيتنا يعني عدم وجود قضية وعدم وجود وطن .

وكذلك الحزبية فهي لا تختلف عمن سبقها، ولذا فإن أي تقارب بين التنظيمات يحكمه المصلحة الفئوية وليس المصلحة الوطنية العامة ولو صيغ بلغة ممكن أن توهم بعض البسطاء .

حدثني أحد الاخوة المخلصين أنه يرى أن التعددية في الوقت الحاضر ممكن أن تخدم قضيتنا الوطنية بشكل أفضل. وأنا أحببت أن أنقل هذه الرؤية إلى النقاش العام وليس الفردي فقط . فأنا أؤمن بالتعددية بالدولة كما أعتقد أن التعددية في الثورة يعني عدم وجود ثورة أساسا، أي أني اختلف مع اخي تماما. فتعريف الثورة لا يمكن أن يخرج عن اطار الزخم الجماهيري المتفق والمجتمع على تحقيق هدف سامي. وهنا لا أقصد نتائج الفعل السياسي الناتج عن الثورة فهو محكوم بعدة عوامل قد يفرضها المجتمع الدولي .

فالتعددية في الثورة من طبيعتها أنها تقسّم المجهود الكلي بل وتؤدي إلى صراع بين التعددية على السلطة ، ولذا فهي تقوم بتشتيت المجهود الكلي وتؤسس إلى صراع على المصالح داخل الوطن الواحد .

أن الذي فرض نفسه على الواقع العراقي واللبناني هو الصراع على المصلحة الفئوية، وهذه تتطلب البحث عن سلطة خارج أطار الدولة ( مليشيات ) وهذه السلطة تحتاج لقوة أقتصادية وبالتالي يتم سرقة ثروات الشعب، فيصبح الحزب بين خيارين أما أن ينسحب من العملية السياسية وهذا غير ممكن بأعتبار أن مؤيدوه يرفضون هذا، أو أن يسرق من ثروات الشعب ليعزز نفوذه .

لو أفترضنا جدلا أن صراع المصالح والنفوذ الدولي أدى ألى نشوء دولة أحوازية، فأنها ستكون نموذج للعراق ولبنان، لان اغلب التنظيمات إن لم أقل كلها لا تساهم بأي مشروع وحدوي إلا على أساس المحاصصة .. وهذا يؤسس لمستقبل مُظلم وإن تحررت الأحواز.

أن دور الفكر السياسي يكمن في قرائة المشهد السياسي واستنباط حلول قد تُبعد شعبنا من المحاصصة والتي تؤسس لغياب تام لمفهوم الوطن والوطنية مثل العراق ولبنان .

فلم يعُد مشروع الوحدة الوطنية وفق معطيات الحاضر إلا مقبرة لمفهوم الوطنية ، وإن كان مستقبل الأحواز وشعب الأحواز هدف نبيل وستراتيجي فعلينا معالجة الوضع القائم .

ومن وجهة نظري أن الحل يكمن في تقوية طرف واحد أستطاع أن يخلق واقع سياسي جديد للقضية وهو يمتلك الوسائل لهذا الواقع ، فالوطن أهم من تنظيماتنا والمواطن من المفروض أن يكون أهم من نوازعنا الفردية الأنانية .

حركة النضال العربي لتحرير الاحواز بقيادة الأخ حبيب جبر هي أفضل ما نملك في ساحتنا الوطنية وهي ليست ملك شخصي لأحد بقدر ما هي حركة وطنية أحوازية . فما هي الداوفع التي تجعلنا نتمسك بتشرذمنا وماهي الأسباب التي تجعلنا نخوّن حركة وطنية كلنا نعلم أنها تشكلت من أحوازيين عبروا أن أيمانهم بقضيتهم فعلا لا  قولا .

هناك من يتحدث عن المتاجرة بالمال السياسي، فماذا قدمت هذه المتاجرة المزعومة للقضية الاحوازية ، قدمت قناة فضائية لها تأثير مباشر وأنتجت كادر إعلامي أحوازي ، وقدمت مؤسسات أنئى عن ذكرها وقدمت مؤتمرات كلنا نعلم أنها تختلف نوعيا عما كان في الساحة وكنت من المعترضين على إقامة مؤتمرات في قاعات فنادق الخمس نجوم ولكن الإخوة بينوا الأسباب التي دعت لذلك وهي أسباب منطقية مقبولة، وقدمت المتاجرة حضور سياسي وطني وعربي ودولي. فأين المتاجرة يا أصحاب الضمائر الوطنية. نعم هناك أفراد أستلموا مساعدات مادية بأسم القضية الاحوازية لكنهم أستخدموها لشراء سيارات ومنازل لهم، فلماذا لا يتم الحديث عن هؤلاء .

واضح جدا للجميع أن إيران تستهدف حركة النضال وهناك أحوازيون يقفون بنفس الخندق ويستهدفون حركة النضال، هذه هي الحقيقة التي تدفعهم إليها الأنانية الفردية أو الفئوية على حساب قضيتنا الوطنية .

سؤال يحريني كثيرا والله شاهد على ما أقول، إذا كنا نريد وطن لماذا لا نترك الخلافات الساذجة ونقف مع الأفضل منّا وندعمه ، بالموقف بالرأي بالنصيحة بالمؤازرة فكلنا أبناء وطن واحد وندعيّ أن هدفنا واحد ؟

وللموضوع بقية …

بقلم أ.طالب المذخور

رئيس الدائرة السياسية للمنظمة الوطنية لتحرير الأحواز (حزم)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى