آراء ومقالات

#أحوازنا-الميدان يا إيران

في المؤتمر الإعلامي الذي عقده وزير الخارجية الأستاذ عادل الحبير وأعلن فيه قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران أشار إلى أن المملكة بيدها خطوات أخرى يمكنها القيام بها لردع إيران عن الاستمرار في نهجها العدائي التدخلي الإرهابي في شؤوننا، وفي أحد الحوارات الفضائية تساءل أحد المحاورين عن مدى تأثير المقاطعة الاقتصادية السعودية أو العربية إذا حدثت لإيران مع توجه الدول الغربية لبناء علاقات اقتصادية معها والاستثمار فيها. ويبدو أن هاتين النقطتين ليست واضحة لدى بعض المعلقين على الحدث أو أنهم يتجاهلون حقيقتها أو يقللون من أهميتها فيما يخص المملكة.المملكة قوة اقتصادية وسياسية كبيرة ومؤثرة، إقليميا وعربيا ودوليا، وقادرة على استثمار هذه القوة عندما تحتاجها، وقد أثبتت ذلك منذ وقت بعيد فخلال حرب أكتوبر 1973 لم تتردد في استخدام النفط كسلاح فعال قلب الموازين وجعل الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل تعيد حساباتها، وبعد ذلك استخدمت ثقلها ومكانتها في كثير من المواقف لصالح قضايا عربية وأحداث هامة، أما الآن وهي قد أصبحت مركزا للحراك السياسي الواسع وقوة اقتصادية ضخمة أسست شراكات كبرى وعقدت اتفاقيات مهمة في مختلف الجوانب وأسست برامج للتعاون في شرق وغرب العالم فإن التقليل من أهمية وفعالية تأثيرها لصالح قضاياها العادلة، والقضايا التي تمس الأمن القومي العربي في فترة من أحرج فترات تأريخه، ليس إلا جهلا وسذاجة أو إنكارا متعمدا لحقيقة مؤكدة.الرهان على ميزان في مواقف الدول الكبرى يميل لصالح إيران المهترئة أملا في علاقات اقتصادية مستقبلية محتملة معها على حساب واقع قائم من العلاقات الضخمة المؤثرة التي أسستها المملكة مع تلك الدول رهان خاطئ، حتى وإن كانت المواقف المبدئية مواربة أو مترددة لبعض الدول. في النهاية لا يمكن المغامرة بالواقع المعلوم من أجل المحتمل المجهول، ومصالح الدول هي التي تحدد المواقف في النهاية. وأيضا يمكن التنبؤ بأن إيران لن تكون مهوى أفئدة الغرب الاقتصادي مستقبلا لأنها غير موثوق بها وغير مؤهلة لبناء علاقات محترمة وصادقة مع الآخرين، سيفشل الرهان عاجلا أو آجلا على مرحلة إيران ما بعد الاتفاق النووي التي تسوقها أمريكا على حلفائها وبقية العالم. إذن نحن نتحدث عن دولة كالسعودية تتمتع بالقوة والمصداقية والاحترام والشراكات المتينة مع العالم، ونظام فوضوي متقلب المزاج ومخادع، ليس له مرجعيات قانونية ولا يعترف بالمواثيق والعهود والاتفاقيات التي تؤطر علاقات الدول ببعضها، فلمن تميل الكفة في هذه المقارنة، ومن هو الطرف الذي سيحرص العالم على احترام قضاياه ومواقفه لا سيما وهي مشروعة وعادلة؟.لن تستطيع إيران تحمل تبعات ما قامت به مؤخرا، وسوف تضطر لإنقاذ موقفها بمحاولات جديدة لإبداء حسن النية، لكنها لن يختلف فيها الكذب والخداع عن المحاولات العديدة السابقة، وسوف نرى.

حمود أبو طالب 

المصدر : صحيفة عكاظ السعودية 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى