آراء ومقالات

البحرين ومعركة ايران الأخيرة

المتابع للمواقف الايرانية المعلنة، سوف يلاحظ انه في الاسابيع القليلة الماضية، اتسمت هذه المواقف والتصريحات بالتطرف الشديد والعصبية الشديدة وحتى الهستيرية في بعض الأحيان.


نعني انه في كثير من الأحيان، تبدو تصريحات القادة والمسئولين الايرانيين والمواقف التي يعبرون عنها، غير محسوبة على الاطلاق، وتعبر عن حالة من حالات التوهان والتخبط، والعصبية والتطرف.


نقصد بذلك مواقف من قبيل، تعمد قائد الحرس الثوري الايراني اعلان ان عناصر وقوات من الحرس موجودة بالفعل في سوريا وفي لبنان. ورغم ان التصريح كان واضحا تماما ولا يحتمل أي لبس، فان مسئولا ايرانيا حاول في اليوم التالي نفي التصريح او التخفيف منه.


ومن هذه المواقف ايضا تلك التهديدات التي اطلقوها ضد الكويت وان ايران من الممكن ان تدخل الكويت دفاعا عن الشيعة.


ومنها ايضا، حرص مسئولين عسكريين ايرانيين على ان يعددوا اسماء الدول الخليجية التي ستكون هدفا للضربات الايراينة لضرب القواعد الأمريكية.


ومنها كذلك، حديث احد المسئولين الايرانيين عن ان بقاء نظام الاسد هي مسألة حياة او موت بالنسبة لايران التي لن تسمح بسقوطه مهما كان الثمن.


كيف يمكن ان نفسر مثل هذه التصريحات والمواقف، وكل هذه الهستيرية التي اتسمت بها؟


التفسير ببساطة ان ايران تعتبر ان المعركة التي تخوضها الآن في سوريا، هي معركتها الأخيرة في ساحة المنطقة.


ايران تعتبر انها في قتالها المستميت من اجل الحيلولة دون سقوط النظام السوري، انما تخوض معركة وجود في المنطقة.. معركة اما ان تكون او لا تكون.


ايران نفسها تنظر الى المعركة على هذا النحو.


وفي التفكير الايراني، فان اسباب ذلك تتمثل فيما يلي:


1 – ان سقوط النظام السوري الحالي، واتيان نظام جديد ايا كان، سوف يعني حتما ان اكبر حلفاء ايران في المنطقة وبوابتها الى المنطقة، قد سقط. ليس هذا فحسب، بل سوف يعني بالضرورة ان كل حلفاء ايران والقوى التابعة لها في المنطقة سيكونون في محنة شديدة. سقوط النظام السوري سيكون ضربة موجعة لكل حلفاء واتباع ايران في لبنان والعراق ودول الخليج العربية.


2 – وسيكون معنى هذا بداهة ان المشروع الايراني في المنطقة والهادف الى فرض الهيمنة والسطوة الايرانية، قد تلقى ضربة قاصمة.


3 – وتدرك ايران جيدا ان سقوط النظام السوري، والمناخ الجديد في المنطقة والاوضاع الجديدة التي ستترتب على ذلك، يمكن ان يشجع امريكا واسرائيل على المضي قدما في تنفيذ خطط توجيه ضربة عسكرية الى المواقع النووية والمنشآت الحيوية الايرانية.


4 – وبالطبع، يترافق مع كل هذا تفاقم الأزمة الداخلية في ايران. وقد بدات هذه الأزمة تتتفاقم بالفعل بشكل متسارع. وهي بالمناسبة ازمة ابعد واعمق بكثير من مجرد انهيار العملة الايرانية الاخير وارتفاع الاسعار.


على ضوء هذه العوامل والاعتبارات مجتمعة، فان ايران تعتبر ان المعركة التي تخوضها حاليا والتي محورها محاولة ابقاء النظام السوري، هي معركتها الأخيرة في المنطقة. وهي لا تبالغ في هذا.


حقيقة الأمر ان القادة الايرانيين يعتبرون انهم يخوضون ليس فقط معركة من اجل الحفاظ على حليفهم في دمشق، وعن حلفائهم واتباعهم في المنطقة، وانما يخوضون في نفس الوقت معركة من اجل الدفاع عن بقاء النظام الايراني ذاته.


الخطورة في التفكير الايراني على هذا النحو، انه في ظل هذا التقدير، فان ايران مستعدة بداهة لأن تفعل أي شئ، او تقوم بأي خطوة عدوانية في المنطقة.


بعبارة اخرى، فان ايران لن تتردد في استخدام كل اوراقها وكل اسلحتها في المنطقة، وخصوصا في اللحظة التي تستشعر فيها انها في طريقها الى خسارة هذه المعركة.


نقول هذا لأنه كما نعلم، فان ايران تعتبر ان البحرين وتطوراتها الداخلية هي من اهم ساحات معركتها هذه.


كان فشل مشروع الانقلاب الطائفي الذي رعته ايران ضربة موجعة لمشروعها في المنطقة. وهي اليوم، في معركتها الأخيرة التي تخوضها على الساحة العربية، لن تتردد في محاولة اشعال الوضع في البحرين واستخدام ذلك كأحد الاوراق الايرانية.


لا نقول هذا على سبيل الافتراض النظري. المعلومات والتحليلات المتاحة لدينا تشير الى تفكير ايراني جدي، وعبر اتباعها في البحرين بالطبع، الى اللجوء في لحظة معينة الى تصعيد خطير.. وخطير جدا في البحرين.


 


نقول هذا على سبيل التحذير والتنبيه.


 


 


 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى