سليماني المنتشي بقتل أطفال سوريا يحلم بقيادة العالم الإسلامي
يبدو أن طموح الإيرانيين لا يتوقف عند حد، ومنذ استلام المعممين زمام الأمور في إيران، وهم يعلنون صراحة أنهم الأحق والأجدر في قيادة الشيعة، خاصة بعد أن استلموا الحكم في إيران وأصبحت رقاب الشعب الإيراني عامة تحت رحمتهم، وليس مستغرباً هذا الطموح باعتبار أن مدينة قم الإيرانية وحدها فيها من الحوزات العلمية الخاصة بتدريس العلوم الشيعية أكثر بكثير مما يوجد في العراق وباكستان وأفغانستان وغيرها من حوزات ومدارس دينية تدرس العلوم الشيعية، كما أن المراجع (رجال الدين) الذين يجب على كل شيعي تقليدهم واتباعهم كي تقبل طاعاته وعباداته، أغلبهم إن لم يكن جميعهم إيرانيين ولاء وأصلاً وانتماء.
من الواضح أن إيران لا تستطيع الركون والسكون إلا في حال تعرضت للضيق والحصار والمقاطعة، إذ كلما انفرجت عليها وحاول العالم استعادتها لحظيرته تمادت في تطاولها وتحديها للآخرين وتعديها عليهم، وزادت من تهديدها للأمن والسلم العالميين، من قيادة الشيعة وقيادة المستضعفين في العالم، وقيادة المخربين والطائفيين في الشرق الأوسط، إلى قيادة محور الممانعين في الحرب الدائرة في سوريا ضد الإرهابيين الوهابيين كما يصفهم الإعلام الإيراني الرسمي وغير الرسمي.
لكن، ما الذي جعل إيران تشارك علناً في الحرب الداخلية السورية بكل ثقلها، وما الذي جعلها ترى أن شيعة البحرين والكويت والحوثيين في اليمن هم تبعة، أي مواطنون إيرانيون، ومن حقها دعمهم ومساندتهم، هذا غير اعتقاد المعميين في قم أن الزمن زمنهم، وأن الدنيا مقبلة عليهم وليست مدبرة، وما عليهم إلا استثمار هذه الفرصة الذهبية لتغيير الأمور لصالحهم سياسياً وطائفياً؟ وهذا ما يريده الغرب وأمريكا باعتبار أنهم لم يستطيعوا ترويض الشعوب العربية، والشعوب المسلمة بعد حربين خاضوها بكل ثقلهم في أفغانستان والعراق.
ليس خافياً على أحد أن أغلب الإيرانيين لا يزالون يعيشون في عقدة هزيمة ما قبل 1400 سنة – هزيمة امبراطورية فارس الكبرى على يد العرب المسلمين الأوائل الحفاة حسب الموروث الثقافي الإيراني!- والمعممون في مقدمة المعقدين بعقدة الهزيمة، وهم اليوم في طليعة تلك الجحافل التي تعمل دون هوادة في الإعلام من أجل التشويه والتزوير والإساءة وفي التآمر وفي ساحات القتال أينما وجدت لتحقيق هذا الهدف المشؤوم، بل إن هؤلاء المعممين يريدون الأخذ بثأرين، ثأر كسرى الملك الفارسي المقتول على يد العرب المسلمين، وثأر الحسين بن علي رضي الله عنهما الهاشمي القرشي الذي يتشبثون به زوراً وبهتانا ًوليس محبة وتقديراً واحتراماً.
خرج علينا في الآونة الأخيرة السوبرمان قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري سيء الصيت والسمعة في العراق وسوريا وفي اليمن والبحرين في الفترة الأخيرة بتصريح في منتهى الغرابة، إذ تفلسف على الحاضرين وحاول إقناعهم أن قيادة العالم الإسلامي في المرحلة الراهنة بالذات لا تصلح إلا لإيران، باعتبار أن مصر وباكستان وتركيا والسعودية دول حاولت قيادة العالم الإسلامي وفشلت فشلاً ذريعاً. لذا فلا يوجد أحق من إيران باستلام قيادة العالم الاسلامي والنهوض به لاستعادة عصره الذهبي حين وصل المسلمون إلى الأندلس وتقدموا في علوم الحياة والثقافة والسلوك الإنساني. خاصة بعد هذه السنين الطويلة من الانحطاط والتأخر الذي لحق بالإسلام منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية إلى يومنا هذا حسب زعم السوبرمان.
شخص يرى الضوء الأخضر الأمريكي الغربي من خلال السكوت عن جرائمه البشعة وتدخلاته وسيطرته على رقاب العرب المسلمين في العراق وسوريا ولبنان ومناطق أخرى، ويرى الغرب يضع متبرعين ببضع دولارات من هذا البلد الاسلامي أو ذاك في قائمة الداعمين للإرهاب لأنهم اشتروا خياماً ومواداً غذائية لأطفال سوريا المشردين، ويغض الطرف عن إيران التي أرسلت مقاتلين ودعمت الحرب في سوريا بخمسة عشر مليار دولار حتى هذه اللحظة، ويرى ضحاياه خانعين ضعيفين لا حول لهم ولا قوة، فلا ينتظر منه غير هذه الغطرسة والسماجة والوقاحة.
قيادة العالم الإسلامي ليست بالصواريخ والأسلحة والتدمير والتقتيل، وهي لا تشبه إطلاقاً قيادة هولاكو للجيش المغولي، ولا تشبه قيادة كورش لقطاع الطرق الذين استأجرتهم استر اليهودية كي يفكوا شعبها من الأسر البابلي، وإذا كانت إيران تمتلك عشرات الآلاف من الصواريخ والأسلحة الفتاكة، وتمتلك جيوشاً جرارة، فهل يعتقد سليماني أنه يستطيع الحكم على رقاب المسلمين جميعاً مثلما يحكم الآن على رقاب العراقيين الذين سلمتهم أمريكا له على طبق من ذهب؟
ما لا يعرفه سليماني، أن الإسلام دين سلام وإيمان وحضارة وثقافة واعتدال وخلق حسنة، وهذه كلها ليست متوفرة لا في إيران ولا في معمميها، ومن يشارك في قتل الأبرياء المسلمين ويشعل نيران الفتن في هذا البلد الإسلامي أو ذاك، ومن لا يعرف غير التطرف والاعتداء على الآخرين لا يستطيع البتة قيادة العالم الإسلامي بكل تنوعاته العرقية والمذهبية، ومن لم يتمكن وخلال خمسة وثلاثين عاماً من استلامه للحكم أن يخلق مجتمعاً متديناً وملتزماً وخالياً من الأمراض الاجتماعية، كيف يستطيع حكم العالم الإسلامي بأسره؟
إذا كانت إيران لا تسمح في بناء جامع واحد للملايين من أهل السنة فيها، ولا تسمح للشعوب الواقعة تحت قبضتها الأمنية بالدراسة بلغتها خوفاً على اللغة الفارسية والكيان الفارسي المتعالي، وإذا كانت إيران لم تتحدث بكلمة إيجابية واحدة عن غيرها من المسلمين، فكيف تستطيع قيادة أكثر من مليار مسلم أغلبيتهم العظمى ليسوا شيعة وليسوا من الفرس؟
في النهاية كي تبقى إيران ضمن صفوف المسلمين، وليس بالضرورة قيادتهم، يجب عليها الخروج أولاً من سوريا والعراق والأحواز وكردستان وأذربيجان الجنوبية وبلوشستان والجزر الإماراتية ولبنان، وعليها الكف عن تدخلاتها في اليمن والبحرين والكويت، وعليها تغيير خطابها الطائفي البغيض، والكف عن سب الخلفاء الراشدين وصحابة الرسول عليه الصلاة والسلام، وعليها حرق آلاف الكتب والمخطوطات الفارسية العنصرية والطائفية التي تذم العرب والمسلمين السنة وتحط من كرامتهم.
أما من أجل قيادة العالم الإسلامي فأمام إيران طريق طويلة جداً لا يبدو أنها تستطيع اجتيازها لا في الزمن القريب ولا البعيد، وهي في وضعها الحالي تحتاج شهادة حسن سلوك، وتحتاج طهارة نفس، ولا تستطيع قيادة أحد إلا بقوة السلاح والمعدات الحربية وشراء الذمم، وهذه أساليب مغولية وفارسية ساسانية متوحشة لا صلة لها لا بالتحضر ولا بالإنسانية ولا بالخير والمحبة، الصفات التي قدرها ورفع من شأنها الإسلام والمسلمون.
مركز المزماة للدراسات والبحوث